هذه [الحشيشة]» ، سواء كانت المادة هامة أو طفيفة (١). كذلك يحلفون برأس الإمام ١ / ١٢٠ علي ، وإذا ضاع لهم شيء ينادون عليه هكذا / (٢) : «يا سامعين الصوت صلوا على النبي ، أولكم محمد وتاليكم علي ، يا من شاف (٣) لنا الحاجة الفلانية». فينتج من ذلك أن المكّرمين أكثر من الكل الله ومحمد وعلي. وكذلك يحلفون ، في الأمور الهامة ، بعواميد بيوت الأمراء ، مثل بيت فاضل ، وبيت شعلان ، وبيت عبده ، وبيت تامر ، وغيرهم. فيقولون : «وحق عامود هذا البيت وما أطعم من العيش». فهذا عندهم يمين قاطع كبير ، ويعتقدون به كثيرا.
ثم أنهم يصدقون المنامات ويعتقدون بها جدا. ويعتقدون بالسحر وهم على يقين أن للسحر فعلا عجيبا وأن القلم يعمل في المحبة والبغضاء والزواج والفراق والاجتماع. وعندهم كل من عرف الكتابة يستطيع أن يعمل كل أمر يريده ، حتى أنني كنت عندهم بمنزلة سيمون الساحر (٤) ، لأني ما أكثر ما جمعت وفرقت ، وزوجت وحببت وبغضت ، مع أن ليس عندي أثر العلم بذلك ولا يقين بمثل هذه الأمور. فكنت أضحك منهم واكتب لهم أحرفا مقطعة وخربشات وأحرفا فرنجية وأعطيهم إياها ، ولكن أكون فهمت منهم المادة جيدا ، وبعد ما أعطيهم الورقة أدبرهم على الطريقة والظروف التي توصلهم إلى المطلوب ، فأكثر الأمور تأتي وفق مطلوبهم. ومن كثرة ثقتهم بالسحر يتوهمون أن الفعل من الكتابة والورقة التي أعطيتهم إياها / مع أن الفعل كان من التدبير كما هو معلوم.
وكذلك هم جماعة سريعو الإجابة ، يصدقون ما تقوله لهم ولا يراجعونك مثل غير شعوب ، لأن قلوبهم سليمة ، ولا يغشون أحدا ولا يظنون أن أحدا يغشهم. فهذه الطباع كانت تريحنا جدا معهم. وكثير من الأوقات كنا نحتاج إلى أمر لأجل مصلحتنا ، مثل الرحيل من المحل الذي نحن فيه ، أو الإقامة به ، أو العداوة مع إحدى القبائل ، أو الصلح أو الاقتراب من إحدى المدن أو الابتعاد عن المدن ، النتيجة الأمر الذي نحن بحاجة إليه وقتئذ ، فأزعم أني رأيت مناما أعده في عقلي بالليل ، وأقوم ثاني يوم أجمع كبار العربان وأقص عليهم منامي. فمن المعلوم أنهم يسألوني ما هو تفسير هذا الحلم العجيب يا خطيب؟ فأفسره بما يناسبني وأختم التفسير بمطلوبي ويتم مقصودنا من ذلك المنام. وهذا الأمر حدث معنا مرارا.
__________________
(١) «مادة كلية أم جزئية».
(٢) نلاحظ أن عدد الأسطر والكلمات في الصفحات قد نقص جدا إعتبارا من الورقة رقم ١١٩.
(٣) رأى.
(٤) أحد المتطرفين من اليهود أشتهر بالسحر وكان معاصرا للمسيح.