٢ / ١٢٤ ولكل واحد زنار من قدّ (١) مضفور رفيع ملفوف على بطنه / نحو عشرين دورا. وحين يجوع يشد هذا الزنار ويشرب قليلا من الماء ويقول الحمد لله شبعت ، وليس عندهم شراهة بالأكل. وكذلك كسوتهم وضيعة سواء كان واحدهم أميرا أو صعلوكا (٢) : قميص من الخام ، وزنار من الجلد ، وعباءة أو فروة من جلد الغنم (٣) ، وفي رأسه كوفية وعقال صوف مجدول تشتغله النساء وتهديه للرجال ، وهم حفاة من غير شيء بأرجلهم كليا ، إلا الأمراء والمشايخ والأكابر منهم فلهم جزمات يلبسونها حين يركبون أو حين يزورهم أحد من كبار الناس أو حين يذهبون لعمل الزيارات (٤) إلى بعضهم. وأما في باقي الأوقات فهم حفاة. وصدف أن واحدا من العرب نزل لدمشق ليشتري له جزمة ، فدخل إلى أحد الدكاكين وطلب من البائع جزمة تدوم دهرا (٥) ولا تتمزق. فأعطاه جزمة وشرط عليه أن لا يلبسها إلا حين يركب ومتى نزل يخلعها ويخبئها ، فحفظ البدوي تلك الوصية ودامت الجزمة عنده نحو عشرين سنة ، وكان يمدح الذي باعها ويدعو له لأنه نصحه وأشار عليه شورا حسنا. النتيجة مصروفهم قليل جدا إذ ليس هناك سبب للمصروف ، وكما ذكرنا مأكولهم وضيع وملبوسهم وضيع أيضا ، ١ / ١٢٥ وغناهم وفقرهم من بعضهم ، لأن الغارات / مستمرة ، ومهما عملت من صلح بينهم فإن هناك دائما قبائل تشن غارات على بعضها بسبب كثرتها. وفي اجتماعاتهم مع بعضهم لا يتكلمون إلا عن الحروب ، والمعارك ، وملحمة القبيلة الفلانية ، والكسب الذي حصل اليوم الفلاني ، وعن أمور سياستهم ، وما شابه ذلك ، لأنهم لا يعرفون إلا الأمور التي ذكرناها. وليس عندهم تجارة ولا مهن (٦) ولا فلاحة ، [ولا يعرفون] غير أمور الحروب ، ومدح (٧) الرجال الشجعان ، وذم الرجال الجبناء ، ومواقعهم مع العثماني ومثل هذه الأمور.
ثم بيعهم وشرائهم من بعضهم البعض قليل جدا ، وجميعه بالمقايضة (٨) ، دون إعطاء دراهم ، مثلا يعطي فروة ويأخذ مشلحك ويعطي فرسه ويأخذ فرسك وجملا ، يعطيك ناقة
__________________
(١) جلد.
(٢) «امير أم صغير».
(٣) «غنمامية».
(٤) «فيذيتات».
(٥) «ضيان».
(٦) «كارات».
(٧) «الانشاد».
(٨) «بالدواكيش» ، أي بالتبادل.