كثيرا ، إنما مرادي فقط أن تعرفهم وتعرف عددهم وأسماء أمرائهم على وجه الاختصار (١) ، لأن ليس لي حاجة معهم ، وسنقضي بعض الأيام عندهم وبعدها نتوجه عند الأمير الدريعي ، وهناك إن شاء الله سنبيع ونشتري ونجمع المكاسب التي أنا قاصدها ، فقلت : الله يربحنا.
وثاني يوم فتحنا رزقنا وبعنا جانبا منه ، وقدمنا الهدايا إلى دوخي وأكابر العربان ، ٢ / ٢٩ واستقمنا عنده خمسة عشر يوما. وبعدها / توجهنا مع هلال واثنين آخرين من البدو إلى قبيلة سرحان ، وكان مسيرنا عشر ساعات لجهة الغرب. ثم وصلنا إلى النزل وكان مقداره نحو مئتي بيت فقط. فنزلنا في بيت شيخهم الذي يقال له إدغيم بن علي وهو زوج بنت دوخي ، وقبيلته تحوي على ألف ومئتي بيت ، ولكنهم كانوا مقسومين بسبب الأرض النازلين بها فليس فيها من الماء ما يكفيهم جميعا. واسم المحل الذي كانوا به المريحات ، ماؤه نبع قليل ممتد من القبلة إلى الشمال.
والسبب أن اسمهم سرحان أنه كان لهم جد قديم ، وكان له بنت جميلة جدا ، فأرسل أمير من أمراء العرب الذين سبقوا بني فزارة ـ لأن الظن أن أصلهم من بني فزارة ، على أيام عنتر ـ وأحضره عنده لأنه كان يريد أن يتزوج ابنته. ولكن الشيخ ما رضي أن يعطيها ، وقام من المجلس من غير سلام وذهب. فسأل الأمير عنه فقالوا أنه سرح يعني راح. فانزعج خاطره منه وسماه السرحان. وبقي هذا الاسم منحصرا به ، وقسم العربان وتبعه قسم منهم ، وعرفوا بعرب السّرحان إلى يومنا هذا.
وأما الشيخ إدغيم فهو رجل حسن المنظر والسلوك ، إلا أنه طماع ، لأنه طمع بنا وأخذ مننا بمقدار مئتي غرش رزقا من غير حق وأكلها علينا (٢). وعلى ما فهمنا أنهم ليسوا رجال حرب مثل غيرهم من العربان ، وهم وجلون نوعا ما. فاستقمنا عندهم ثمانية أيام ثم قمنا توجهنا إلى عند عرب السّردية مع هلال وواحد من البدو من عرب السرحان. وكان مسيرنا بجد خلال ثماني عشرة ساعة ، مرحلة (٣) واحدة ، لجهة القبلة. فوصلنا نصف الليل عندهم إلى بيت شيخهم الذي يقال له فدغم ابن اسراج. وكانوا نازلين في أرض يقال لها الصالحة. وهي قبيلة تحوي على ألف وثمان مئة بيت. إلا أنهم كانوا نحو خمس مئة بيت فقط.
__________________
(١) «الاقتصار».
(٢) ابتلع ثمنها.
(٣) بالأصل : «قناق».