وفيه : إن عدم استرقاقهم حال الكفر إهانة ومصير إلى ما هو أعظم منه (١) ، لا إكرام فلا يلزم مثله بعد الإسلام ، ولأن الإسلام لا ينافي الاسترقاق ، وحيث يجوز قتلهم (٢) يتخير الإمام تخير شهوة بين ضرب رقابهم ، وقطع أيديهم ، وأرجلهم ، وتركهم حتى يموتوا إن اتفق وإلا أجهز عليهم.
(وإن أخذوا بعد أن وضعت (الْحَرْبُ أَوْزٰارَهٰا)) (٣) أي أثقالها من السلاح وغيره وهو كناية عن تقضيها (لم يقتلوا ويتخير الإمام) فيهم تخير نظر ومصلحة (٤) (بين المن) عليهم (والفداء) لأنفسهم بمال حسب ما يراه من المصلحة ، (والاسترقاق) حربا كانوا أم كتابيين.
وحيث تعتبر المصلحة لا يتحقق التخيير إلا مع اشتراك الثلاثة فيها على
______________________________________________________
(١) وهو القتل.
(٢) إذا أخذ والحرب قائمة ولم يسلم فالإمام مخيّر تخيير شهوة بين القتل وبين قطع الأيدي والأرجل من خلاف على ما تقدم بيانه ، لا تخيير مصلحة لأن المطلوب قتلهم فاختيار الوسيلة بنظره كما يرى ، بخلاف تخيير المصلحة فإنه يتخير على حسب ما يراه من المصلحة ، وقد عرفت أن مجال الاختيار غير مفتوح ما دام المطلوب قتلهم على كل حال.
نعم المشهور جعلوا التخيير بين ضرب الأعناق وبين قطع الأيدي والأرجل ، والخبر جعل الطلب قسيما فلذا ذهب القاضي إلى أن الإمام مخيّر بين أنواع القتل لأن ما ذكر في الخبر إنما هو من باب المثال لا على نحو الحصر.
(٣) لخبر طلحة بن زيد المتقدم عن أبي عبد الله عليهالسلام (والحكم الآخر إذا وضعت (الْحَرْبُ أَوْزٰارَهٰا) وأثخن أهلها ، فكل أسير أخذ على تلك الحال فكان في أيديهم فالإمام عليهالسلام فيه بالخيار إن شاء منّ عليهم فأرسلهم ، وإن شاء فاداهم أنفسهم ، وإن شاء استعبدهم فصاروا عبيدا) (١).
(٤) قال في الجواهر : (ثم إن ظاهر النص والفتوى إطلاق التخيير ـ سواء وجدت المصلحة أم لا ـ لكن الفاضل في المحكي عن جملة من كتبه وثاني الشهيدين عيّنا الأصلح من الثلاثة ، لكونه الولي للمسلمين المكلف بمراعاة مصالحهم ، ومقتضاه عدم التخيير إلا مع التساوي في المصلحة فحينئذ يتخير تخيّر شهوة ، ولا ريب في كونه أحوط وإن كان اجتهادا في مقابلة إطلاق التخيير من ولي الجميع الذي هو أعلم بالمصالح).
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب جهاد العدو حديث ١.