وعلى كل حال ، فإن هذه الزيادة غير مستهجنة ، فإن تشريع الأحكام كان تدريجيا ؛ وعلى الأخص تلك الأحكام التي ربما يصعب الالتزام بها على العربي ؛ لمخالفتها لما اعتاد عليه ، وركن وسكن إليه.
قول آخر في فرض الصلاة :
وبعد ما تقدم : فهناك روايات يظهر منها : أن الصلاة قد فرضت تامة من أول الأمر ، أو على الأقل كانت تامة في مكة فقد قالوا :
١ ـ كان أول صلاة صلاها رسول الله «صلى الله عليه وآله» الظهر ، فأتاه جبرائيل فقال : (إِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ ، وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ)(١).
قال : فقام جبرائيل بين يدي رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، والنبي «صلى الله عليه وآله» خلفه ، ثم الناس خلف رسول الله ، والنساء خلف الرجال ، قال : فصلى بهم الظهر أربعا ، حتى إذا كان العصر ، قام جبرائيل ففعل مثلها ، ثم تذكر الرواية صلاة المغرب ثلاثا والعشاء أربعا (٢).
وواضح : أن سورة الصافات مكية ، فالرواية تدل على أن الصلاة فرضت تماما في مكة.
٢ ـ وعن نافع بن جبير ، وغيره : لما أصبح رسول الله «صلى الله عليه وآله» ليلة أسري به فيها ، لم يرعه إلا جبرائيل يتدلى حين زاغت الشمس ، ثم
__________________
(١) الآية ١٦٥ من سورة الصافات.
(٢) المصنف للحافظ عبد الرزاق ج ١ ص ٤٥٣ ، وسنن البيهقي ج ١ ص ٢٦٢ ، وعن أبي داود في مراسيله ، والدر المنثور ج ٥ ص ٢٩٣.