وحيث الأرض رخوة ، لا تستقر عليها قدم ؛ مما يعني أن منزل المسلمين كان من وجهة نظر عسكرية غير مناسب.
ولكن الله أيد عباده ونصرهم على عدوهم ، وجاء المطر ليلا على المشركين ، فأوحلت أرضهم ، وعلى المسلمين ؛ فلبدها ، وجعلها صلبة ، وجعلوا الماء في الحياض (١).
معنويات المسلمين والعنايات الربانية :
ولما بلغ المسلمين كثرة المشركين ، خافوا ، وتضرعوا إلى الله.
وعن أبي جعفر الباقر «عليه السلام» : لما نظر النبي «صلى الله عليه وآله» إلى كثرة المشركين ، وقلة المسلمين ، استقبل القبلة ، وقال :
«اللهم أنجز لي ما وعدتني ، اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض» ؛ فنزلت الآية : (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ)(٢).
فالإمداد بالملائكة إذا ، ليس إلا للتطمين ، وإعطاء توهج روحي للمسلمين ، الذين يحسون بالضعف ، ويستغيثون ربهم ، حسب مدلول الآية الشريفة.
__________________
(١) السيرة النبوية لابن هشام ج ٢ ص ٢٧١ و ٢٧٢ ، وتاريخ الخميس ج ١ ص ٣٧٥ ، وتاريخ الأمم والملوك ط الإستقامة ج ٢ ص ١٤٤ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ١٥٤ ، والكامل في التاريخ ج ٢ ص ١٢٢ ، ودلائل النبوة للبيهقي ط دار الكتب العلمية ج ٣ ص ٣٥ ، والبداية والنهاية ج ٣ ص ٢٦٦.
(٢) الآيتان ٩ و ١٠ من سورة الأنفال.