فلم يكن ثمة بد من قبول رأيه والإذعان لمشورته ، لأنها حق ، والحق يعلو ولا يعلى عليه.
واتخاذه الهجرة مبدأ للتاريخ دون يوم ولادته ووفاته «صلى الله عليه وآله» ، إنما هو لأهمية الهجرة من دار الشرك ؛ حيث الذل والهوان إلى دار الإسلام حيث العزة والكرامة ، فهي مهمة جدا في صنع التاريخ والإنسانية ، كما أنه يكون بذلك «صلى الله عليه وآله» قد أبعد كل المواقف المخزية ، والأحداث التي تختص بالطواغيت والظلام عن أن تجعل مبدأ للتاريخ ، وعن أن تصبح في جملة الرواسب والمرتكزات ، التي يعتادها الإنسان ويألفها ، وتستقر في وعي الناس كجزء من التراث ، والثقافة ، والحياة.
والتاريخ المسيحي إذا لماذا؟ :
وبعد ... فإننا نسجل هنا بكل أسف وأسى حقيقة : أن الغربيين وغير المسلمين يحافظون على تراثهم وعلى خصائصهم ، مهما كانت تافهة وحقيرة ، وغير ذات أهمية ، ولا يتنازلون عنها في أي من الظروف والأحوال ، بل هم يطمحون إلى بثها وترسيخها لدى غيرهم من الجماعات والأمم ، ولو على حساب تدمير تاريخ وتراث تلك الجماعات ؛ فنجد أنهم عند ما يكتبون عن الشؤون والتواريخ الإسلامية يصرون على تحوير التاريخ الهجري ، الذي ضبطت به الحوادث إلى الميلادي الشمسي ، مهما كان ذلك موجبا لضياع كثير من الحقائق ، والغلط والخلط فيها نتيجة للاختلاف فيما بين التاريخين.
أما نحن : فإننا نتنازل عن كثير من الأشياء التي قد يكون الكثير منها رئيسيا وأساسيا ، بدعوى التقدمية والرقي ، وغير ذلك من ألفاظ خلابة ،