وسند هذه الرواية جيد ، كما ترى.
٥ ـ ويؤيد ذلك أيضا : أن جعفر بن أبي طالب قد ذكر الزكاة لملك الحبشة ، على أنها مما أمرهم الله به (١).
رواية تعارض ما سبق :
ولكن ربما ينافي ما قدمناه ، ما جاء في رواية صحيحة السند : أنه لما أنزلت آية الزكاة ، التي في سورة التوبة ، وهي مدنية ، ومن أواخر ما نزل ، أمر «صلى الله عليه وآله» مناديه في الناس : إن الله فرض عليكم الزكاة ، وبعد أن حال الحول أمر مناديه فنادى في المسلمين : أيها المسلمون ، زكوا أموالكم تقبل صلاتكم ، قال : ثم وجه عمال الصدقة وعمال الطسوق (٢).
ولكن هناك عشرات الآيات التي نزلت قبل سورة التوبة ، والتي ربما تصل إلى ثلاثين آية ، كلها تدل على فرض الزكاة ، وحملها كلها على الاستحباب ، أو على خصوص زكاة الفطرة بعيد جدا.
فلا بد من حمل هذه الرواية على أن الزكاة ، وإن كانت قد شرعت قبل هذا الوقت ، إلا أن النبي «صلى الله عليه وآله» لم يضع الجباة لها إلا بعد
__________________
(١) الثقات لابن حبان ج ١ ص ٦٥ ، وحلية الأولياء ج ١ ص ١١٤ و ١١٦ عن ابن إسحاق ، والبداية والنهاية ج ٣ ص ٧٠ و ٧٤ و ٦٩ ، وتاريخ الخميس ج ١ ص ٢٩٠ ، وسنن البيهقي ج ٩ ص ١٤٤ ، وسيرة ابن هشام ج ١ ص ٣٦٠ ، ومجمع الزوائد ج ٦ ص ٢٧ و ٢٤ عن الطبراني وأحمد ، ورجاله رجال الصحيح ، وحياة الصحابة ج ١ ص ٣٥٤ و ٣٥٧ ، عن بعض من تقدم ، وعن فتح الباري ج ٧ ص ٣٠ وحسن إسناده.
(٢) راجع : الكافي ج ٣ ص ٤٩٧ ، وتفسير البرهان ج ٢ ص ١٥٦.