المشركين برسول الله «صلى الله عليه وآله» ، فكان أشد الناس بأسا ، وما كان أحد أقرب إلى المشركين منه (١).
إذن ، فلا بد أن نسأل : أين كان أبو بكر آنئذ؟ أمع النبي «صلى الله عليه وآله» في ساحة القتال؟ أم في العريش وحده ، ليكون في موقع القائد والرئيس كما يريد الجاحظ أن يدّعي حسبما سيأتي؟ وسوف تأتي بقية الحديث حول موضوع شجاعة أبي بكر ، وحضوره في العريش في الفصل الذي يأتي بعد وقعة بدر إن شاء الله تعالى.
وخامسا : إنه إذا لم يكن معهم سوى فرس المقداد ، فمن أين جاءت النجائب المعدة لفرار رسول الله «صلى الله عليه وآله»؟! ولماذا لم تشارك في الحرب ، للدفاع عن الدين وعن المسلمين؟!.
إشارة :
ولو فرض صحة الحديث المتقدم المروي عن علي «عليه السلام» ، فلا بد أنه كان يتحدث عن غيره لا عن نفسه ، لأن عليا لم يكن يخشى المشركين ، ولم يكن ليحتاج إلى ملجأ يحميه منهم. كيف وهو الذي قتل أكثر من نصف قتلى المشركين في بدر؟ وشارك في النصف الآخر كما سنرى؟
ويكون قوله «عليه السلام» ذلك نظير أن يقول شخص مثلا : إننا في بلادنا نأكل كذا ، أو نلبس أو نصنع الشيء الفلاني. مع أن هذا القائل لم يأكل ، أو لم يلبس ، أو لم يصنع ذلك الشيء شخصيا أبدا.
__________________
(١) راجع : تاريخ الطبري ج ٢ ص ١٣٥ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ١٢٣ ، والبداية والنهاية ج ٦ ص ٣٧ ، وحياة الصحابة ج ٢ ص ٦٧٧ عن أحمد ، والبيهقي.