الله في مقابل من يريد الاستمرار في الانحراف والتعدي. وللمظلوم حق في أن يطالب بإنصافه من ظالمه ، والباغي عليه ، ولا سيما بعد أن عرض النبي «صلى الله عليه وآله» على قريش تلك الخيارات المتقدم ذكرها ، فلم ترعو عن غيها. بل أرادت إطفاء نور الله ، وأصرت على حرب المسلمين وإذلالهم ، قال تعالى :
(أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ، الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ)(١).
المعركة في ضرامها :
ولما رأى أبو جهل مقتل عتبة وشيبة والوليد ، حاول إنقاذ الموقف ؛ فقال : لا تعجلوا ، ولا تبطروا ، كما بطر ابنا ربيعة. عليكم بأهل يثرب فاجزروهم جزرا ، وعليكم بقريش ، فخذوهم أخذا ، حتى ندخلهم مكة ؛ فنعرفهم ضلالتهم التي هم عليها.
ويذكر ابن عباس ، في قوله تعالى : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى)(٢) : أن النبي «صلى الله عليه وآله» ـ بأمر من جبرائيل ـ قال لعلي «عليه السلام» : ناولني كفا من حصباء ، فناوله كفا من حصباء (وفي رواية : عليه تراب) فرمى به في وجوه القوم ؛ فما بقي أحد إلا امتلأت عينه من الحصى.
وفي رواية : وأفواههم ، ومناخرهم ، ثم ردفهم المؤمنون يقتلونهم ،
__________________
(١) الآيتان ٣٩ و ٤٠ من سورة الحج.
(٢) الآية ١٧ من سورة الأنفال.