فشتمه أبوجهل ؛ لأنه رآه يجبن أصحابه.
وقال أبو جهل يشجع أصحابه مشيرا إلى قلة عدد المسلمين : «ما هم إلا أكلة رأس ، لو بعثنا إليهم عبيدنا لأخذوهم أخذا باليد».
وأرسل رسول الله «صلى الله عليه وآله» إلى المشركين يقول لهم : «معاشر قريش ، إني أكره أن أبدأكم بقتال ، فخلوني والعرب وارجعوا ؛ فإن أك صادقا فأنتم أعلى بي عينا ، وإن أك كاذبا كفتكم ذؤبان العرب أمري».
ويقال : إن عتبة بن ربيعة رجح للمشركين قبول ذلك ، فرماه أبوجهل بالجبن ، وأنه انتفخ سحره (١) لما رأى محمدا وأصحابه ، وأنه خاف على ابنه أبي حذيفة الذي هو مع محمد.
فلما بلغ عتبة قول أبي جهل ، قال : سيعلم مصفر أسته (٢) من انتفح سحره : أنا ، أم هو؟ وتحمس لذلك ، ولبس درعه ، هو وأخوه شيبة وولده الوليد وتقدموا يطلبون البراز.
ونحن هنا نشير إلى الأمور التالية :
ألف : سر رعب المشركين :
إن المشركين كانوا يدركون مدى تصميم المسلمين على الحرب ، وأنهم
__________________
(١) انتفاخ السحر : كناية عن الجبن. والسحر : الرئة.
(٢) والظاهر أنه يرميه بالأبنة ؛ فإن الأنصار كانوا يرمونه بذلك. راجع : مجمع الأمثال ج ١ ص ٢٥١ عند قولهم : أخنث من مصفر أسته ، والبرصان والعرجان ص ١٠٢ و ١٠٣ متنا وهامشا ، والغدير ج ٨ ص ٢٥١ عن صواعق ابن حجر ص ١٠٨ عن الدميري في حياة الحيوان ، وراجع : الدرة الفاخرة في الأمثال السائرة ج ١ ص ١٨٨.