ونقول نحن : لقد ثبت عدم صحة تلك الروايات التي أشار إليها الزبير بن بكار بأي وجه ، ولا سيما مع تناقضها ، ومع ما تقدم من الإيراد عليها ومن وجوه الإشكال فيها ، مما لا دافع له.
هذا ، عدا عما في أسانيدها من نقاش كبير وكثير ، فوجود المتروك في سند هذه الرواية لا يضر ، ما دامت منسجمة مع الواقع التاريخي ، ومع الظروف التي كانت قائمة آنذاك.
وما دام لا يمكن أن يصح غيرها ، فالظاهر : أنها قد حرفت وحورت ليمكن الاستفادة منها في إثبات فضيلة لعثمان لا يمكن أن تثبت له بدون هذا التحوير والتزوير.
ولكننا لم نفهم قوله : «ابتاعها بثلاثين ألفا من مال المسلمين ، وتصدق بها عليهم» ؛ فإنها إذا كانت من مالهم ، فما معنى الصدقة بها عليهم؟
إلا أن يقال : إن عثمان والهيئة الحاكمة كانوا يرون أنهم يملكون بيوت الأموال حقا ، وقد ذكرنا بعض الشواهد والدلائل على نظرتهم هذه في مورد آخر ، فراجع (١).
تأبير النخل :
ويقولون : إن النبي «صلى الله عليه وآله» لما قدم المدينة مر بقوم يؤبرون النخل ، أي يلقحونه ـ أو سمع ضجتهم ـ فقال : لو لم تفعلوا لصلح ، فتركوا
__________________
(١) راجع كتابنا : دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام ، بحث (أبو ذر إشتراكي أم شيوعي ، أم مسلم).