فلما سمعوا ذلك من النبي «صلى الله عليه وآله» تفرقوا ؛ فبلغ ذلك كفار قريش ، وكانت وقعة بدر (١).
الإنتداب إلى بدر :
وفي السنة الثانية ، في السابع عشر من شهر رمضان المبارك كانت حرب بدر العظمى بين المسلمين ومشركي مكة.
وذلك أن العير التي طلبها المسلمون في غزوة العشيرة وأفلتت منهم إلى الشام ، ظل النبي «صلى الله عليه وآله» يترقبها ، حتى علم بعودتها ، وكانت بقيادة أبي سفيان ، مع ثلاثين ، أو أقل ، أو أربعين ، أو سبعين راكبا. وفيها أموال قريش ؛ حتى قيل : إن فيها ما قيمته خمسون ألف دينار ، في ذلك الوقت الذى كان فيه للمال قيمة كبيرة.
فندب رسول الله «صلى الله عليه وآله» المسلمين للخروج إليها ؛ فانتدب الناس ؛ فخف بعضهم ، وثقل آخرون ، ولعلهم تخوفوا من كرة قريش عليهم ، حينما لا بد لها من محاولة الانتقام لهذا الإجراء الذي يستهدف مصالحها الحيوية.
يقول عدد من المؤرخين : «وأبطأ عن النبي «صلى الله عليه وآله» كثير من أصحابه ، وكرهوا خروجه ، وكان في ذلك كلام كثير واختلاف. وتخلف بعضهم من أهل النيات والبصائر ، لم يظنوا أن يكون قتال ، إنما هو الخروج للغنيمة ، ولو ظنوا أن يكون قتال ما تخلفوا» (٢).
__________________
(١) المصنف للصنعاني ج ٥ ص ٣٥٨ و ٣٥٩.
(٢) راجع : شرح النهج للمعتزلي ج ١٤ ص ٨٥ ومغازي الواقدي ج ١ ص ٢٠ و ٢١ والبحار ج ١٩ ص ٣٢٨ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ١٤٣.