٣ ـ في هذه القضية أيضا دلالة واضحة على المكانة السامية التي كانت للنبي «صلى الله عليه وآله» في نفوس الناس جميعا ، وعلى أنهم يرونه صادقا فيما يخبر به حين يرجعون إلى ضميرهم ووجدانهم ، وإلى ما في قرارة نفوسهم من قناعة واقعية إلى حد أنهم يقسمون على صدقه فيما يخبر به ، وأنه لا يكذب. ولكنهم في نفس الوقت يشعرون أنهم بحاجة إلى إظهار العناد والتكذيب لمصالح دنيوية ، واعتبارات قبلية ، أو غير ذلك.
رجوع طالب بن أبي طالب عن الحرب :
وخرج مع المشركين من بني هاشم : العباس ، وعقيل ، ونوفل بن الحارث ، وطالب بن أبي طالب. فأما طالب فخرج مكرها ، فجعل يرتجز ويقول :
يا رب إما يغزون طالب |
|
في مقنب من هذه المقانب |
فليكن المسلوب غير السالب |
|
وليكن المغلوب غير الغالب |
فجرت بينه وبين القرشيين ملاحاة وقالوا : والله ، لقد عرفنا أن هواكم مع محمد ؛ فرجع طالب فيمن رجع إلى مكة ، ولم يوجد في القتلى ، ولا في الأسرى ، ولا فيمن رجع إلى مكة (١).
وادّعى البعض : أنه مات كافرا في غزوة بدر حين وجهه المشركون إلى
__________________
(١) راجع : البحار ج ١٩ ص ٢٩٤ و ٢٩٥ ، وروضة الكافي ص ٣٧٥ ، وتاريخ الطبري ج ٢ ص ١٤٤ ، والكامل لابن الأثير ج ٢ ص ١٢١ ، وسيرة ابن هشام ج ٢ ص ٢٧١ ، وتاريخ الخميس ج ١ ص ٣٧٥ وراجع البداية والنهاية ج ٣ ص ٢٦٦ وأنساب الأشراف ج ٢ ص ٤٢ وفيه أنه حضر بدرا مع المشركين.