المسجد ، فكن يحملن الحجارة لبناء المسجد ليلا ، والرجال نهارا (١).
ونشير هنا إلى أمرين :
أحدهما : إن مشاركة المرأة في أمر كهذا ، له مساس بالحالة السياسية والاجتماعية والعبادية ، يعتبر أمرا مهما جدا ، إذا أخذنا بنظر الاعتبار أن المرأة لم يكن لها أي دور في الحياة وكان العربي يحتقرها ، ويمارس ضدها أبشع أنواع المعاملة ، كما تقدمت الإلماحة إلى ذلك في الجزء الثاني من هذا الكتاب.
الثاني : إن هذه المشاركة قد روعي فيها عنصر الحفاظ على الجو الخاص بالمرأة ، بعيدا عن أجواء الإثارة التي لا بد وأن تترك آثارها السلبية على المجتمع ، نتيجة للاختلاط ، وعدم التحفظ ، الذي ينشأ عن عملهن نهارا في مرأى ومسمع من الرجال الأجانب.
مشاركة النبي صلى الله عليه وآله في بناء المسجد :
ولقد كان المسلمون قادرين على القيام بمهمة بناء المسجد ، ولم تكن ثمة حاجة مادية لمشاركته «صلى الله عليه وآله» ، ولكنه «صلى الله عليه وآله» قد آثر المشاركة في عملية البناء ، الأمر الذي أثار الحماس لدى المسلمين ، فاندفعوا يعملون بجد ونشاط ، وكان نشيدهم :
لئن قعدنا والنبي يعمل |
|
لذاك منّا العمل المضلل |
كما أن هذه المشاركة قد أعطت قيمة خاصة للعمل ، وعبرت عن مدى ارتباط النبي «صلى الله عليه وآله» به وحبه له ، وفوق ذلك ، فإنه قد بين بذلك
__________________
(١) راجع : كشف الأستار عن زوائد البزار ج ١ ص ٢٠٦ و ٢٢٢ و ٢٤٩ ومجمع الزوائد.