يمكنهم إلا أن يتجنبوا مواجهة الأبطال ، وملاقاة الرجال.
فالمسلمون والمشركون أنفسهم كانوا على المشركين. وهذا ما يفسر قول أمير المؤمنين «عليه السلام» : «ما لقيت رجلا إلا أعانني على نفسه» (١).
وكان لإمداد المسلمين بالملائكة ناحية أخرى لا بد من ملاحظتها ، فإنه حين يكون من الممكن أن لا تكون درجة المعرفة واليقين قد بلغت لدى بعض المسلمين مستوياتها العالية ، وحين يكون احتمال الانهيار لدى البعض ، أو على الأقل أن يضعفوا عن مواجهة هذه النازلة ، موجودا ، فإن الله يلطف بالمسلمين ، ويمدهم بالملائكة ، بشرى منه ، وتثبيتا ، ويقلل المشركين في أعينهم في بادئ الأمر ، ليتشجعوا على حربهم. إلى غير ذلك من أسباب النصر التي تفضل عليهم بها.
ومن هنا نعرف أيضا : لماذا كان القتلى في جانب المشركين أضعاف الشهداء في جانب المسلمين ، وأسر من المشركين سبعون ، ولم يؤسر من المسلمين أحد. وهذه النتائج لا تختص ببدر ، وإنما تشمل كل المعارك التي كانت بين الإيمان والكفر ـ وما حديث كربلاء عن أذهاننا ببعيد.
د : حقد قريش على الأنصار :
١ ـ لقد اتضح من كلمات أبي جهل المتقدمة : أن قريشا كانت تتعمد إلحاق أكبر قدر ممكن من الخسائر في صفوف الأنصار ، حتى لقد أمر أبو جهل أصحابه بأن يجزروا أهل يثرب جزرا. ولكن موقفهم بالنسبة
__________________
(١) نهج البلاغة ، الحكم رقم : ٣١٨.