ولذلك احتاجت الحرب إلى : أن يريهم الله بادئ الأمر المسلمين قليلا ؛ ليتشجعوا على خوض غمار الحرب ، براحة فكر ، ولرفع مستوى احتمالات السلامة والبقاء. ولا أقل من أن يصمدوا ولا يفروا ، ليقوم علي «عليه السلام» بإذلال فراعنة الشرك ، وقتل أبطالهم ، وأسر رجالهم ؛ وفقا لما جاء عن الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء : كلما حشوا نارا للحرب أطفأها ، ونجم قرن الضلال أو فغرت فاغرة من المشركين قذف بأخيه في لهواتها ، فلا ينكفئ حتى يطأ صماخها بأخمصه ، ويخمد لهبها بحده ، مكدودا في ذات الله الخ .. (١).
ثم وبعد نشوب الحرب كان لا بد أن يروا المسلمين كثيرا ؛ فأمد الله المسلمين بالملائكة ، وكثرهم بهم ، وأمرهم بالحرب وبضرب الأعناق ، وألقى في قلوب المشركين الرعب. وقد أخبر الله عن هذه المرحلة الأخيرة التي سوف تأتي بعد نشوب الحرب بقوله : (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ)(٢).
وواضح : أن القضاء على الجبان الخائف مهما كان قويا أيسر ، وأسهل من القضاء على الضعيف المقدام ، الذي لا يبالي ، أوقع على الموت أم وقع الموت عليه.
ومن هنا فقد كانت المعركة لصالح هؤلاء دون أولئك ، الذين لا
__________________
(١) بلاغات النساء ص ٢٥ ط النهضة الحديثة ، وأعلام النساء ج ٤ ص ١١٧.
(٢) الآية ١٢ من سورة الأنفال.