كما أن عمير بن أبي وقاص الذي استشهد يوم بدر ، حينما أراد «صلى الله عليه وآله» أن يخلفه بكى (١) ، فأجازه ، وأمثال ذلك كثير.
وتقول هند بنت عتبة لرملة بنت شيبة ، وكانت من المهاجرات :
لحى الرحمن صابئة بوج |
|
ومكة ، أو بأطراف الحجون |
تدين لمعشر قتلوا أباها |
|
أقتل أبيك جاءك باليقين (٢) |
وأمثال ذلك كثير ، لا مجال لتتبعه واستقصائه.
ومن كل ما قدمناه يتجلى مدى حرص هؤلاء على الموت أو النصر ، وحرص أولئك على الحياة والسلامة ، فالمسلمون يرون الموت انتقالا ، والشهادة عطاء. وأولئك يرون الموت خسرانا ، وفناء ، ودمارا.
وقد تحدث الله عن بني إسرائيل الذين يهتمون بالدنيا وليس للآخرة مكان في تفكيرهم ، وحتى في عقائدهم ، فقال : (قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ، وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ، وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ)(٣).
__________________
عنهم ، وعن كنز العمال ج ٥ ص ٢٧٣ و ٢٧٥ ، وج ٧ ص ٧٦ ، وعن ابن سعد ج ٣ ص ٦٨.
(١) نسب قريش لمصعب الزبيري ص ٢٦٣ ، والإصابة ج ٣ ص ٣٥ عن الحاكم والبغوي ، وابن سعد ، والواقدي.
(٢) نسب قريش لمصعب ص ١٥٦ ، والإصابة ج ٤ ص ٣٠٧.
(٣) الآيات ٩٤ ـ ٩٦ من سورة البقرة.