يكرهونها ويهربون منها أكثر مما يكره المشركون الموت ، ويهربون منه وهو ما أشار إليه ذلك الرجل في جوابه لطليحة بن خويلد كما قد قدمنا.
ولما سمع عمير بن الحمام رسول الله «صلى الله عليه وآله» يعد من يستشهد بالجنة ، وبيد عمير تمرات يأكلهن ، قال : بخ بخ ، ما بيني وبين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء ، أو قال : لئن حييت حتى آكل تمراتي ، إنها لحياة طويلة. ثم رمى التمرات من يده ، وقاتل حتى قتل (١).
ومن هنا ، فقد كان طعم الموت لدى أصحاب الحسين «عليه السلام» أحلى من العسل ، بل وحتى الأمهات كن إذا علمن بأن ولدهن في الجنة لم يجدن ألم المصاب ، بل وربما فرحن لاستشهاد ابنائهن. فحين قتل حارثة بن سراقة بسهم غرب ، قالت أمه : «يا رسول الله ، أخبرني عن حارثة ؛ فإن كان في الجنة صبرت ، وإلا فليرين الله ما أصنع ، يعني من النياح».
وفي رواية : وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه بالبكاء.
وفي رواية : لم أبك ولم أحزن ، وإن يكن في النار بكيت ما عشت في الدنيا».
وفي رواية : أنه «صلى الله عليه وآله» لما أخبرها : أن ولدها في الجنان رجعت وهي تضحك ، وتقول : بخ بخ يا حارث (٢).
__________________
(١) راجع : الكامل لابن الأثير ج ٢ ص ١٢٦ ، وتاريخ الخميس ج ١ ص ٣٨٠ ، وسيرة ابن هشام ج ٢ ص ٢٧٩ ، والبداية والنهاية ج ٣ ص ٢٧٧ عن مسلم وأحمد ، وسنن البيهقي ج ٩ ص ٩٩ ، ومستدرك الحاكم مختصرا ج ٣ ص ٤٢٦ ، وحياة الصحابة ج ١ ص ٤٢٤ عن بعض من تقدم.
(٢) راجع : مستدرك الحاكم ج ٣ ص ٢٠٨ ، والبداية والنهاية ج ٣ ص ٢٧٤ عن الشيخين ، وسنن البيهقي ج ٩ ص ١٦٧ ، وحياة الصحابة ج ٢ ص ٦٥٢ ـ ٦٥٣