وأما إذا فرضت عليهم فرضا ، فلربما يؤدي دخولهم فيها إلى نتائج عكسية ، وربما خطيرة جدا ، تجر على المسلمين ، وعلى مستقبل الإسلام الكثير من الرزايا والبلايا ، التي قد تعسر معالجتها ، والخروج منها على النحو المرضي والمشرف ، والمنسجم مع الهدف الأسمى ، والغاية الفضلى.
وهذا هو السر في استشارته «صلى الله عليه وآله» أصحابه في الحرب وشؤونها في بدر وفي أحد ، كما سنشير إليه ثمة إن شاء الله تعالى.
ج ـ ظروف الأنصار الخاصة :
وإذا كان الأنصار في بلدهم ، ويعيشون حياة الأمن والدعة ـ على صعيد علاقاتهم بمن يحيط بهم طبعا ـ ويشرفون على زراعتهم ، وأمور معاشهم ، ويستفيدون من أرضهم ؛ فإن ذلك يجعلهم أكثر تعلقا بالحياة ، وحبا لها ، ولا بد من توفر دافع نفسي أقوى يسهل عليهم الخروج إلى جو آخر ، فيه الكثير من المشاكل والأخطار الجسام ، إن حاضرا ، وإن مستقبلا.
وأيضا : إذا كان الأنصار سوف يحاربون قريشا ، أعظم قبائل العرب خطرا ونفوذا ، وحتى قدسية ، فإن عليهم أن يعدوا إلى العشرة قبل أن يقدموا على أي إجراء من شأنه أن يعرض علاقتهم بمكة إلى الخطر ، ولا سيما إذا كان من الممكن أن يجر ذلك عليهم خطر عداء العرب قاطبة ، فضلا عن غيرهم ، وعلى الأخص إذا كان المدنيون في موقع المعتدي في نظر الناس.
وهذا هو ما حدث بالفعل ، فإن التاريخ يحدثنا : «عن أبي بن كعب قال : لما قدم النبي «صلى الله عليه وآله» وأصحابه إلى المدينة وآوتهم الأنصار رمتهم العرب عن قوس واحدة ، فكانوا لا يبيتون إلا في السلاح ولا