يصبحون إلا فيه» (١).
فأذن الله تعالى لهم بالقتال دفاعا عن أنفسهم ، ولرد كيد أعدائهم ، كما قال تعالى : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ)(٢).
أما ظروف المهاجرين ، فكانت مختلفة تماما عن ظروف الأنصار من هذه الجهة ؛ لأن اتخاذهم قرار الحرب ضد قريش كان أسهل وأيسر ، لأن وقوفهم ضدها له مبرراته النفسية والاجتماعية كاملة ، فإن الكل يعلم : أنها كانت تلك القوة الغاشمة التي أهانتهم ، وعذبتهم وأخرجتهم من ديارهم ، وسلبتهم أموالهم ، ولأن المهاجرين الذين كانوا مشردين ، مقهورين ، كانوا يشعرون بظلم قريش وخروجها على كل النواميس الأخلاقية والأعراف الاجتماعية ، والأحكام العقلية والدينية والفطرية. فاندفاعهم إلى محاربتها ، والوقوف في وجهها يكون أعظم وأشد.
كما أن تحريكهم إلى مضايقة قوافلها ، التي تمثل إغراء لهؤلاء الذين فقدوا أموالهم ، وكل ما لديهم على أيدي أصحاب هذه القوافل نفسها ، يكون أسهل وأيسر.
وخلاصة الأمر : لا يمكن أن ينظر إلى وقوفهم في وجه قريش على أنه تجن واعتداء عليها ، بل هي حرب محقة وعادلة لمن هذه معاملتهم ، وتلك
__________________
(١) راجع : السيرة الحلبية ج ٢ ص ١٢٣ ، وراجع : البحار ج ١٩ ص ٨ ، وإعلام الورى ص ٥٥ ، ومنتخب كنز العمال ج ١ ص ٤٦٥ بهامش مسند أحمد عن البيهقي في الدلائل ، وابن مردويه ، وابن المنذر ، وعن كنز العمال ج ١ ص ٢٩٥ عن هؤلاء وعن الطبراني ، والحاكم ، وسعيد بن منصور ، وعن روح المعاني ج ٦ ص ٩٨.
(٢) الآية ٣٩ من سورة الحج.