وزعزعت يقينه الصدمة ، فإن تكليفه بالقيام بأعمال وتقديم تضحيات في سبيل هذا الدين ، لسوف يحصنه من الوقوع ـ بسبب ضعف نفسه ـ بين براثن الشيطان.
فإنه إذا رأى نفسه يعمل في سبيل هذا الدين ، وهذه العقيدة ، ويضحي من أجلها وفي سبيلها ، وأن عمله هذا يؤثر وينتج ويتقدم من حسن إلى أحسن ، فسوف يعود إليه ثباته ، وتطمئن نفسه ، ويصير تأثير المحنة عليه أقل ، والتفاعل معها أندر.
وسوف يصبح تعلقه بما ضحى من أجله ، وتعب وشقي في سبيله ، أشد وأوثق ، وتنفذ بصيرته في الدين وفي الإسلام بشكل أعظم وأعمق.
ه ـ العربي وقضية الدم :
ولقد كان العربي لا يغفر قضية الدم ، ولا يتجاوزها ، وعلى أساس الثأر للدم يتقرر مصير العلاقات بين القبائل والفئات سياسيا ، واقتصاديا ، واجتماعيا ، وغير ذلك ، ولربما يستمر العداء الثأري بين القبائل أجيالا عديدة.
وإذا كان لا بد من قيام مجتمع إسلامي متكافل ، متماسك كالجسد الواحد ، فلا بد من حصر قضايا الدم والثأر في أضيق دائرة ممكنة ، تفاديا للأحقاد التي تتأصل في النفوس ، ويظهر أثرها ولو بعد أجيال ، وعشرات ، بل مئات السنين.
ولذا نلاحظ : أن حرب بدر رغم أن الكثرة فيها كانت للأنصار بنسبة واحد إلى أربعة أو خمسة من المهاجرين ، إلا أن أكثر قتلى المشركين كانت نهايتهم على يد علي «عليه السلام» وحمزة ، وهما من المهاجرين القرشيين ، كما