فإن ابن مسعود وأبا هريرة إنما علما ذلك عن طريق النبي «صلى الله عليه وآله» ؛ لأنه تنبؤ بالغيب ، وهذا يدل على أنه «صلى الله عليه وآله» هو واضع التاريخ الهجري.
١٦ ـ وفي حديث رواته ثقات : «نعوذ بالله من رأس الستين وفي رواية : من سنة ستين ، ومن إمارة الصبيان» (١).
وعن أبي هريرة أنه قال : اللهم لا تدركني سنة ستين ولا إمارة الصبيان (٢).
١٧ ـ عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر «رض» مرفوعا : «إذا كان على رأس السبعين ومئة فالرباط بجدة من أفضل ما يكون من الرباط» (٣).
عود على بدء :
وبعد كل ما قدمناه ، يتضح : أن ما اشتهر بين الناس من أن واضع التاريخ الهجري الإسلامي هو عمر بن الخطاب ، مما لا يمكن القبول به ولا المساعدة عليه ؛ وأن ما حدث في زمن عمر هو فقط : جعل مبدأ السنة الهجرية شهر محرم ، بدلا من ربيع الأول ، إما باقتراح من عمر نفسه ، أو بإشارة من عثمان ، ومحرم ـ كما هو معلوم ـ كان مبدأ السنة في الجاهلية!! (٤).
وليس من البعيد : أن يكون التاريخ الهجري الذي وضعه النبي «صلى
__________________
(١) مصنف عبد الرزاق ج ١١ ص ٣٧٣ و ٣٧٥.
(٢) الإتحاف بحب الأشراف ص ٦٥ عن ابن أبي شيبة وغيره.
(٣) لسان الميزان ج ٢ ص ٧٩.
(٤) البداية والنهاية ج ٣ ص ٢٠٦ و ٢٠٧ ، والسيرة النبوية لابن كثير ج ٢ ص ٢٨٨ و ٢٨٩.