أيضا ، ولم تأل وسعا ولم تدخر جهدا في الثأر لنفسها كما سنرى في الفقرات التالية.
هذا كله عدا عما في هذا من الامتحان لهم ، فإن القبول بقتل الأقارب يحتاج إلى إيمان عميق ، وإخلاص تام ، وقد امتحن الله سبحانه بني إسرائيل بذلك أيضا ، بل لقد امتحن الله تعالى نبيه إبراهيم بما يشبه هذا في ولده إسماعيل ، حسبما قدمنا.
و ـ قريش والأنصار :
وأول ما يطالعنا في مجال استكشاف مشاعر قريش ، ونواياها تجاه الأنصار ، ما قاله أبو سفيان بعد حرب بدر :
آليت ، لا أقرب النساء |
|
ولا يمس رأسي وجلدي الغسل |
حتى تبيروا قبائل الأوس |
|
والخزرج ، إن الفؤاد يشتعل |
وقد كان الأنصار أنفسهم يشعرون بهذا الأمر ، فإنهم عندما مات النبي «صلى الله عليه وآله» كانوا يبكون ؛ لأنهم لا يدرون ما يلقون من الناس بعده «صلى الله عليه وآله» (١).
ولم تكن مبادرتهم إلى محاولة مبايعة سعد بن عبادة إلا انطلاقا من هذا الشعور ، الذي عبر عنه الحباب بن المنذر بقوله يوم السقيفة : «ولكنا نخاف أن يليها بعدكم من قتلنا أبناءهم وآباءهم ، وإخوانهم» (٢).
__________________
(١) مسند أحمد ج ٦ ص ٣٣٩ ، ومجمع الزوائد ج ٩ ص ٣٤ عنه.
(٢) حياة الصحابة ج ١ ص ٤٢٠.