وقد بين أمير المؤمنين «عليه السلام» دوافع سعد بن عبادة إلى طلب البيعة له ، فكتب «عليه السلام» إلى أصحابه يقول :
«ولقد كان سعد لما رأى الناس يبايعون أبا بكر نادى : أيها الناس ، إني والله ما أردتها حتى رأيتكم تصرفونها عن علي ، ولا أبايعكم حتى يبايع علي. ولعلي ، لا أفعل وإن بايع الخ ..».
وفي مورد آخر من نفس الرسالة : يقول : «إن الأنصار قالوا : أما إذا لم تسلموها لعلي فصاحبنا أحق بها من غيره الخ ..» (١).
فذلك يوضح : أن الأنصار بادروا إلى ذلك بعد أن عرفوا أن العرب وقريشا لن تمكن عليا «عليه السلام» من الوصول إلى الحكم ، وقد تأكد لديهم ذلك حينما شهدوا كيف منع النبي «صلى الله عليه وآله» عن كتابة «الكتاب» ، بذلك الأسلوب الجاف والمهين والقاسي ، ثم تأخير بعث جيش أسامة ، وغير ذلك من قرائن وأحوال لا تخفى.
وبعد وفاة النبي «صلى الله عليه وآله» حاق بالأنصار البلاء ، وحلت بهم الرزايا ، واستأثر المهاجرون بكل الامتيازات ، وكان في ذلك تصديق لما أخبرهم به النبي «صلى الله عليه وآله» من أنهم سيلقون بعده إثرة ، ثم أمرهم بالصبر حتى يلقوه على الحوض (٢).
ومما يدل على ما ذكرناه :
__________________
(١) معادن الحكمة ص ١٥٤ و ١٥٣ وراجع تعليقات العلامة الأحمدي على معادن الحكمة ص ٤٧٠ ـ ٤٧٣ لتقف على مصادر كثيرة.
(٢) راجع : حياة الصحابة ج ١ ص ٤١١ ـ ٤١٤ و ٤٠٩.