جثث القتلى ويسمع أنين الثكالى ؛ بل كان له هدف أسمى وغاية فضلى ، ترجع بالنفع العميم على الأمة ، وعلى الأجيال ، ويريد الوصول إليها بأقل عدد ممكن من الضحايا.
٢ ـ كما أنه كان يقدر مواقف الناس ، التي تعبر عن حسن خلق ، وسجية وشهامة ، وأريحية فيهم ، مهما كانت هويتهم وانتماؤهم ، وأيا كان موقفهم ، لأنه هو الإنسان الكامل ورسول الإنسانية ، فهو الذي يستطيع أن يدرك تلك الصفات والسجايا ، ويقدرها أكثر من أي إنسان آخر.
ومن هنا ، فقد كان موقفه واحدا من جميع أولئك الذين أحسنوا السيرة والتصرف ـ ولو مرة ـ وكذا كان موقفه من الذين أكرهوا على الخروج.
ولم يكن ليختص بموقفه هذا أقاربه وأهل عشيرته ، فإنه لم يكن يتأثر في مواقفه بعواطف نسبية ، بل ليس من مصلحته ذلك في مثل هذا الموقف من وجهة نظر المنطق ، والتصرف العقلاني السليم.
٣ ـ وهو بالتالي يقدر ، ويفهم الظروف الصعبة التي كان يعاني منها البعض ، بحيث تفرض عليهم قريش موقفا لا ينسجم مع رغائبهم وقناعاتهم ، أو على الأقل مع ميل وهوى نفوسهم ، وإن كانوا مدينين من جهة أخرى ، حيث كان بإمكانهم أن ينصروا الحق ، وأن يقفوا موقفا عقلانيا سليما ، كما فعل غيرهم ممن أسلموا ، وعرضوا أنفسهم للرزايا والنكبات عن رضى واختيار منهم حتى نصرهم الله تعالى وجعل كلمة الحق هي العليا.
النبي صلّى الله عليه وآله يستشير في أمر الحرب :
لما كان المسلمون قرب بدر ، وعرفوا بجمع قريش ، ومجيئها ، خافوا