«صلى الله عليه وآله» قد بنى المسجد أولا ، ثم بنى بيوته (١) ، كما أنه «صلى الله عليه وآله» كان يبني بيوته بالتدريج عند الحاجة إليها ، وأول ما بنى بيت سودة وعائشة (٢) ، فلا ريب في أنه «صلى الله عليه وآله» قد بنى بيت أم سلمة بعد بنائه المسجد بمدة طويلة ، وذلك بعد موت أبي سلمة كما سيأتي.
سر انتصار النبي صلى الله عليه وآله لعمار :
ويلاحظ هنا : أن المسلمين قد كانوا على درجة من الوعي ، بحيث كانوا يدركون : أن عملهم هذا ليس لأجل الدنيا ، وإنما هو للآخرة ، وأن الآخرة هي التي يجب أن يكون لها المقام الأول والأخير في تفكيرهم ، وأعمالهم ومواقفهم ، فإن العيش الحقيقي هو عيش الآخرة ، بل لا عيش سواه ، والخسران المبين هو الخسران فيها.
اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة |
|
اللهم ارحم الأنصار والمهاجرة |
وكان انتصار النبي «صلى الله عليه وآله» لعمار ، الذي ملئ إيمانا إلى مشاشه ـ كما جاءت به الرواية عنه «صلى الله عليه وآله» (٣) ـ وعذب في سبيل
__________________
(١) زاد المعاد ج ١ ص ٢٥ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٨٧.
(٢) تاريخ الخميس ج ١ ص ٣٤٦ ، ووفاء الوفاء ج ٢ ص ٤٥٨ و ٤٦٢ : استظهر الشمس الذهبي أنه بنى أولا بيت سودة ، ثم لما احتاج إلى منزل عائشة بناه ، وهكذا سائر بيوته «صلى الله عليه وآله» بناها في أوقات مختلفة.
(٣) البداية والنهاية ج ٧ ص ٣١٢ ، وسنن النسائي ج ٨ ص ١١١ ، والإصابة ج ٢ ص ٥١٢ ، وتهذيب التهذيب ج ٧ ص ٤٠٩ ، وحلية الأولياء ج ١ ص ١٣٩ ، وسنن ابن ماجة ج ١ ص ٥٢ ، والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج ٢ ص ٤٧٨.