فقال له سعد ـ وقد رفع صوته ـ : أما والله ، لئن منعتني هذا لأمنعنك ما هو أشد عليك منه ، طريقك على المدينة.
فاعترض أمية عليه لرفعه صوته على سيد أهل الوادي بزعمه.
فقال سعد : دعنا عنك ، فو الله لقد سمعت رسول الله «صلى الله عليه وآله» يقول : إنهم قاتلوك.
فقال أمية : بمكة؟
قال سعد : لا أدري.
قال أمية : والله ما كذب محمد.
وفزع فزعا شديدا (وقيل : أحدث في ثيابه فزعا) ، وعزم على ألا يخرج.
فلما كان يوم بدر أصر عليه أبو جهل ليخرج ، حتى ليقال : إنه أرسل إليه عقبة بن أبي معيط بمجمرة فيها بخور ، حتى وضعها بين يديه ، وقال : استجمر ، فإنك من النساء. فتحمس حينئذ ، وتهيأ للخروج ، فنهته زوجته وقالت : «والله ، إن محمدا لا يكذب». فأبى إلا المسير ، فقتل في بدر (١).
مع قضية ابن خلف :
ولا بد لنا هنا من تسجيل النقاط التالية :
١ ـ إن مما يلفت النظر هنا تهديد سعد لأبي جهل بقطع طريقه على المدينة ، واعتباره هذا الإجراء أشد على أبي جهل من منع المدنيين من
__________________
(١) السيرة الحلبية ج ٢ ص ١٤٥ ، وراجع : صحيح البخاري ، كتاب المغازي ، باب غزوة بدر ، وباب علامات النبوة والسيرة النبوية لابن كثير ج ٢ ص ٣٨٤ و ٣٨٥ ورواه أحمد.