الوصول إلى مكة.
وذلك أمر واضح ؛ فإن الحياة الإقتصادية للمكيين قائمة على التجارة ، وأهم المراكز التجارية لهم هو الشام. وإذا تعرضت مكة لضغط إقتصادي قوي ، وأصبحت بحاجة إلى الآخرين ؛ فإن ذلك سوف يؤثر على وضعها السياسي والإجتماعي أيضا ، حيث تفقد هيبتها ، وأهميتها ، ونفوذها في القبائل العربية.
ولماذا وعلى أي شيء كانت تحارب محمدا «صلى الله عليه وآله» والمسلمين؟! أليس لأجل النفوذ والزعامة ، التي تعتبرها فوق كل شيء ، وأعز وأجل شيء؟!.
وقد تقدم بعض الكلام في هذا الموضوع حين الكلام عن الهجرة.
٢ ـ إننا نلاحظ : أن أمية بن خلف لم تكن مواقفه وتصرفاته محكومة لعقله ، ولا نابعة من أعماق ضميره ووجدانه. فهو يقتنع بصدق محمد «صلى الله عليه وآله» ، ولكنه لا يقعد عن حربه ـ حين يقعد ـ من أجل ذلك ، وإنما خوفا على نفسه ، وحفاظا عليها ، كما أنه لا يحاربه حين يحاربه من أجل تبدل الرؤية لديه ، وإنما بوحي من تحمسه الكاذب ، ونخوته الجاهلية ؛ فأورده ذلك المهالك في الدنيا وفي الآخرة.
وقد حكى الله تعالى حالة أمثاله ، بأجلى بيان ، وأوجز عبارة ، فقال : (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ)(١).
__________________
(١) الآية ١٤ من سورة النمل.