وجزعوا من ذلك ؛ فاستشار النبي «صلى الله عليه وآله» أصحابه في الحرب ، أو طلب العير.
فقام أبو بكر ، فقال : يا رسول الله ، إنها قريش وخيلاؤها ، ما آمنت منذ كفرت ، وما ذلت منذ عزت. ولم تخرج على هيئة الحرب.
فقال له رسول الله «صلى الله عليه وآله» : إجلس ؛ فجلس ؛ فقال «صلى الله عليه وآله» : أشيروا علي.
فقام عمر ، فقال مثل مقالة أبي بكر.
فأمره النبي «صلى الله عليه وآله» بالجلوس ، فجلس.
ونسب الواقدي والحلبي الكلام المتقدم لعمر ، وقالا عن أبي بكر : إنه قال فأحسن (١).
ثم قام المقداد فقال : يا رسول الله ، إنها قريش وخيلاؤها ، وقد آمنا بك وصدقناك ، وشهدنا : أن ما جئت به حق من عند الله ، والله لو أمرتنا : أن نخوض جمر الغضا (نوع من الشجر صلب) ، وشوك الهراس لخضناه معك ، ولا نقول لك ما قالت بن إسرائيل لموسى : (قالُوا يا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ)(٢).
ولكنا نقول : إذهب أنت وربك ؛ فقاتلا ، إنا معكم مقاتلون. والله لنقاتلن عن يمينك وشمالك ، ومن بين يديك ، ولو خضت بحرا لخضناه
__________________
(١) راجع : مغازي الواقدي ج ١ ص ٤٨ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ١٥٠ ، والدر المنثور ج ٣ ص ١٦٦ عن دلائل النبوة للبيهقي ، والبحار ج ١٩ ص ٢٤٧ ، وتفسير القمي ج ١ ص ٢٥٨.
(٢) الآية ٢٤ من سورة المائدة.