والقبول بحكم الله سبحانه ، وقد استمرت محاولاته تلك وطالت أسابيع كثيرة. وما ذلك إلا لأن عليا لا يريد أن يقتل الناس ، وإنما يريد قمع الفتنة ، وإقامة الدين الذى تحيا به الأمم ، بأقل قدر ممكن من الخسائر.
شاهدنا على ذلك أنه عندما أمر المختار إبراهيم بن الأشتر أن يسير إما إلى مضر ، أو إلى أهل اليمن ، عاد فرجح له أن يسير إلى مضر.
قال الطبري : «فنظر المختار ـ وكان ذا رأي ـ فكره أن يسير إلى قومه ، فلا يبالغ في قتالهم ، فقال : سر إلى مضر بالكناسة الخ ..» (١).
خلاصة الأمر : أنه إذا كانت الحرب بين أفراد أو فئات القبيلة الواحدة ؛ فلربما تكون أقل ضراوة من جهة ، ولأن العاطفة النسبية ، والقربى القبلية تسهل على الناس تناسي الأحقاد وتجاوزها ، حيث يتهيأ الجو للعودة إلى الحياة الهادئة ، والمحبة والتصافي بسرعة من جهة أخرى.
والشاهد على صحة ما نقول : أن قريشا ليس فقط كانت تحقد على بني هاشم بسبب نكاية علي «عليه السلام» فيها ، حتى إن النبي «صلى الله عليه وآله» كان يبكي على ما سيحل بأهل بيته بعده ، نتيجة لتلك الأحقاد (٢).
كما أن قريشا لن تنسى ـ رغم طول العهد ـ جراحاتها من الأنصار
__________________
(١) تاريخ الطبري ط مطبعة الاستقامة ج ٤ ص ٥٢١.
(٢) راجع : الأمالي للصدوق ص ١٠٢ وفرائد السمطين ج ٢ ص ٣٦ وراجع : البحار ج ٢٨ ص ٣٧ و ٣٨ و ٤١ و ٥١ و ٨١ وج ٤٣ ص ١٧٢ و ١٥٦ والعوالم ص ٢١٦ و ٢١٧ و ٢١٨ وكشف الغمة للأربلي ج ٢ ص ٣٦ وأنساب الأشراف للبلاذري ومسند أبي يعلى ج ١ ص ٤٢٧ ومجمع الزوائد ج ٩ ص ١١٨ ومستدرك الحاكم ج ٣ ص ١٣٩ والمطالب العالية ج ٤ ص ٦١ ط دار المعرفة.