للقرشيين كان مختلفا ، فقد طلب أبوجهل : أن يأخذوهم أخذا ، ليدخلوهم مكة ، ويعرفوهم ضلالتهم.
ولعل موقفهم هذا من القرشيين يرجع إلى رغبتهم في الحفاظ على علاقاتهم فيما بينهم ، لأن كل قرشي من المسلمين له أقارب وعشيرة في مكة ، ولن يرتاح هؤلاء لقتل أبنائهم ، حتى وإن كانوا يخالفونهم في العقيدة والرأي.
وهذا هو المنطق القبلي الذي كان يسيطر على عقليات المشركين ، ويحكم تصرفاتهم ومواقفهم حتى في هذه الظروف الدقيقة والحرجة بالذات.
وهو يريد في نفس الوقت أن يلقن الأنصار درسا ، لكي لا يعودوا بعد الآن لمناصرة أعداء قريش ، ومناوئيها ..
٢ ـ وحيث قد عرفنا : أن مراجل حقد قريش كانت في أشد الغليان على أهل يثرب ، الذين آووا ونصروا ، وقد عبر أبوجهل عن ذلك لسعد بن معاذ في فترة سابقة ، وها هو يعود فيأمر بجزر أهل يثرب جزرا.
فإننا نلاحظ : أن هذا الحقد قد استمر عشرات السنين ، وقد أكده وزاده حدة : معارضة الأنصار في الخلافة في قصة السقيفة ، ثم كونهم إلى علي «عليه السلام» أميل منهم إلى غيره. وقد ناصروه في حروبه ، التي تزعمت قريش الجانب الآخر منها (١) حتى لقد قال معاوية في صفين لنعمان بن بشير ، ومسلمة بن مخلد : «ولقد غمني ما لقيت من الأوس والخزرج ، واضعي سيوفهم على عواتقهم ، يدعون إلى النزال ، حتى لقد جبنوا من أصحابي
__________________
(١) راجع : المصنف ج ٥ ص ٤٥٦ و ٤٥٨ وغير ذلك.