لا يمكن أن يعبد في الأرض حتى ولو رجع النبي «صلى الله عليه وآله» إلى أهل المدينة ؛ فكيف يقول ذلك ثم يقدم على تصرف كهذا؟!
وثالثا : لو أن النبي «صلى الله عليه وآله» خسر حرب بدر ، فلن يتركه المشركون ينجو بنفسه منهم ؛ ولن يعطوه الفرصة ليجمع لهم الجموع من جديد؟!. ولسوف لن يتركوا مهاجمة المدينة ، والقضاء على مصدر متاعبهم فيها. وهم الآن بالقرب منها ، ويعيشون نشوة النصر والظفر ، ومعهم جيش على أحسن ما يرام في عدده وفي عدته.
ورابعا : كيف يكون «صلى الله عليه وآله» قد اتخذ العريش مكانا له ، وحرسه الحراس فيه ، وهم يقولون : إنه «صلى الله عليه وآله» رؤي يوم بدر في أثر المشركين مصلتا السيف ، يتلو قوله تعالى : (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ)(١).
ويقولون أيضا : إنه قد اشترك في حرب بدر بنفسه ، وقاتل بنفسه قتالا شديدا (٢).
ومما يدل على اشتراكه في الحرب أيضا ، قولهم : كان ثمة يوم بدر رجال يقاتلون ، واحد عن يمينه ، وآخر عن شماله ، وثالث أمامه ، ورابع خلفه (٣).
ويروون عن علي «عليه السلام» أيضا قوله : لما كان يوم بدر اتقينا
__________________
(١) تاريخ الطبري ج ٢ ص ١٧٢.
(٢) السيرة الحلبية ج ٢ ص ١٢٣ و ١٦٧ ، لكنه حاول توجيه ذلك بما هو خلاف صريح الكلام ، فقال : إن المراد بالجهاد : الدعاء!!. كل ذلك من أجل أن يصح حديث العريش!!.
(٣) مغازي الواقدي ج ١ ص ٧٨.