كانوا بالسيوف والسهام والقسي. هذا قول شاذ ، والصحيح أنه ما خلا أحد منهم عن سلاح. اللهم إلا أن يكون معهم سعفات يسيرة ، وظلل عليها بثوب أو ستر ، وإلا فلا أرى لبناء عريش من جريد النخل هناك وجها» (١).
ونقول :
أولا : إن ما ذكره من وجود السلاح مع المهاجرين لا يمكن قبوله.
فقد تقدمت النصوص التي تتحدث عن مستوى تسلحهم ، وليس فيها ما ذكره المعتزلي. والظاهر هو أن عددا منهم كان مسلحا بالقسي ، كما يدل عليه أمر النبي «صلى الله عليه وآله» لهم برمي المشركين بالنبل إذا أكثبوهم. ولعل بعضهم كان معه رماح ، والبعض الآخر عصي ، وفريق كان لديه سيف ، أو حربة ، وفريق آخر كان معه سعف النخل ، يدفع بها عن نفسه ، ويهاجم العدو بها إن وجد فرصة لذلك.
وثانيا : إن استدراكه الأخير في غير محله ؛ فإن السعفات المظلل عليها بالثوب يقال لها : خيمة ، وليس عريشا ، بل لا يقال لها خيمة أيضا ، كما يرى البعض. كما أن ما ذكره من عدتهم وسيوفهم محط نظر يعرف مما تقدم.
ونضيف نحن هنا :
أولا : إن النبي «صلى الله عليه وآله» لا يمكن أن يفر من الزحف.
وثانيا : قوله «صلى الله عليه وآله» : «اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد» ـ وهو ما نقله مختلف المؤرخين ـ يكذب أن يكون «صلى الله عليه وآله» أراد الفرار على نجائبه ، لو ربح المشركون هذه الحرب. إذ إن الله تعالى
__________________
(١) شرح النهج للمعتزلي ج ١٤ ص ١١٨.