وشعارات براقة ، تخفي وراءها الكثير الكثير من المهالك والأخطار ، بل لقد تخلت بعض البلاد الإسلامية حتى عن الخط العربي ، واستبدلته بالخط اللاتيني ، بالإضافة إلى تخليهم عن كثير من شؤونهم الحياتية حتى زيهم ولباسهم ، وحتى طريقة عيشهم أيضا.
وهكذا كان حالنا بالنسبة للتاريخ الهجري ، حيث قد تخلينا عنه ، وبكل يسر وسهولة رغم أنه من موجبات عزتنا ، وعليه يقوم تاريخنا وتراثنا ، فاستبدلناه بالتاريخ المسيحي الشمسي ، المستحدث بعد ظهور الإسلام ببرهة طويلة ، لأن النصارى كانوا يؤرخون برفع المسيح «عليه السلام» (١) ، لا بميلاده ، وعلى حسب نص آخر : إنهم كانوا يؤرخون بعهد الإسكندر ذي القرنين (٢) ، حتى إن ابن العبرى ، وهو من اليعاقبة المسيحيين ، وقد بلغ إلى درجة تعادل درجة الكاردينال ، وتوفي سنة ٦٨٥ ه. لم يؤرخ في كتابه بتاريخ المسيح أصلا ، بل اعتمد تاريخ الإسكندر في مواضع عديدة في كتابه فراجع.
فلو كان تاريخ المسيح شائعا أو معروفا في عصره لم يعدل عنه.
ويظهر من كلام السخاوي المتقدم ، والمتوفى سنة ٩٠٢ ه أن التاريخ بميلاد المسيح لم يكن متداولا إلى أوائل القرن العاشر الهجري.
وها نحن نرى العديد من الدول التي تطلق على نفسها اسم الإسلام ،
__________________
(١) الإعلان بالتوبيخ لمن يذم التاريخ ص ٨٣.
(٢) نزهة الجليس ج ١ ص ٢٢ ، وراجع : كنز العمال ج ١٠ ص ١٩٥ عن المستدرك ، وعن البخاري في الأدب.