ثم ألقى الله النعاس على المسلمين ؛ فناموا ، وقد ذكر الله سبحانه ذلك ، وإرسال المطر عليهم ؛ فقال : (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ)(١).
نعم ، لقد كان ذلك النعاس ضروريا لفئة تواجه هذا الخطر الهائل ، وهي تدرك أنها لا تملك من الإمكانات المادية شيئا يذكر لدفعه.
نعم ، لا بد من هذا النعاس ؛ لئلا تستبد بهم الوساوس في هذا الليل البهيم ، الذي تكبر فيه الأشياء وتتضخم ، فكيف إذا كانت الاشياء كبيرة بطبيعتها؟
وقد كان هذا النعاس ضروريا أيضا ليحصل لهم الأمن والسكون : «أمنة» ولتقوى قلوبهم بالإيمان والسكينة ، حتى لا يضعفوا عن مواجهة الخطر ، وحتى يمكن لعقولهم وفكرهم أن يسيطر على طبيعة تصرفاتهم ومواقفهم ، بدلا من الضعف والانفعال ، والتوتر. وبواسطة هذا النعاس وذلك المطر يربط الله على قلوبهم ، حيث يطمئنون إلى أن الله ناظر إليهم ، وإلى أن ألطافه وعناياته متوجهة نحوهم ، فلا يهتمون بعد ذلك بالحوادث الكاسرة ، ولا تهمهم الجيوش بكثرتها الكاثرة.
وفي مقابل ذلك ، فقد ألقى الله تعالى في قلوب الذين كفروا الرعب ، والخوف ، كما سنشير إليه إن شاء الله تعالى.
وقد يقال : إن الله سبحانه قد أخبر في السور المكية ، كسورة محمد «صلى الله عليه وآله» بعد ذكره الذين تحزبوا ضد أنبيائهم ، وثمود ، وفرعون ، عن
__________________
(١) الآية ١١ من سورة الأنفال.