وهكذا يقال في علاقات المؤمنين بعضهم ببعض ، وتزاورهم وحضورهم مجلس الرسول «صلى الله عليه وآله» وتعلمهم الأحكام ، فإن كل ذلك وسواه عبادة أيضا.
والمسجد هو أجلى وأفضل موضع تتجلى فيه هذه العبادة ، كما أن المسجد هو الوسيلة الفضلى للتثقيف ، وللتربية النفسية ، والخلقية ، والعقائدية.
وهو من الجهة الأخرى وسيلة لشيوع الصداقات ، وبث روح المحبة والمودة بين المسلمين ، فإنه حينما يلتقي المسلمون ببعضهم البعض عدة مرات يوميا في جو من الشعور ـ عملا ـ بالمساواة والعدل ، وحينما تتساقط كل فوارق الجاه والمال ، وغيرها ، ويبتعد شبح الأنانية والغرور عن أفق هذا الإنسان ، فإنه لا بد أن تترسخ حينئذ فيما بين أفراد هذا المجتمع أواصر المحبة والتآخي والتآلف ، ويشعر كل من أفراده بأنه في مجتمع يبادله الحب والحنان ، وأن له إخوانا يهتمون به ، ويعيشون قضاياه ومشاكله ، ويمكنه أن يستند إليهم ، ويعتمد عليهم ، الأمر الذي يجعل هذا المسلم يثق بنفسه وبدينه ، وبأمته ، وليكون المثال الحي للمؤمن الصادق الواعي والواثق ، ولتكون الأمة من ثم خير أمة أخرجت للناس.
ثم إن المسجد يساعد على تبسيط العلاقات بين أفراد المجتمع الواحد ، ويقلل من مشاكل التعامل الرسمي ، والتكلفات البغيضة ، التي توحي بوجود فوارق ومميزات ، بل وحدود تفصل هذا عن ذاك ، وبالعكس.
وبعد .. فإن اهتمام الإسلام بالمسجد وتأسيسه ، حتى إن ذلك كان أول أعماله «صلى الله عليه وآله» في قباء ، ثم في المدينة ، ليدلنا دلالة واضحة على