وبالجملة فإن الاخبار هنا انما تعارضت في الطعام خاصة ، والمشهور ـ في كلام الأصحاب ـ ـ الجمع بينها بحمل رواية خالد بن الحجاج ـ فإنها هي الظاهرة في المنع ـ على الكراهة.
المسألة الثالثة إذا ابتاع شيئا مؤجلا فإنه لا يجب عليه دفع الثمن قبل حلول الأجل ، بل لا يجوز طلبه ، لوجوب الانظار بالشرط الواقع في العقد ، والأظهر أيضا عدم وجوب قبضه على البائع لو دفعه إليه المشتري قبل الأجل. قال : بعض المحققين : «وقد يتخيل الوجوب ، لأن إلا لرجل لرعاية حال المشترى والترفه له ، كالرخصة له ، لا لأجل البائع ، ولهذا يزاد الثمن ، فإذا حصل الثمن الزائد للبائع نقدا فهو غاية مطلوب التجار ، فلا ينبغي الامتناع عنه وأيضا قد يتضرر المشترى بعدم الأخذ ولان الظاهر أن أخذ الحق مع دفع صاحبه واجب عندهم عقلا ونقلا وقد أفاد الأجل عدم وجوب الدفع ، لا عدم وجوب الأخذ فتأمل. ولان الظاهر من قولنا بعتك هذا بكذا إلى مدة كذا أن زمان الأداء الى تلك المدة موسعا ، فذلك الزمان نهاية الأجل للتوسعة بمنى عدم التضييق إلا في ذلك الزمان كالواجب الموسع ولا شك ان الأخذ أحوط إلا مع ظهور ضرر عليه» انتهى.
أقول : جميع ما ذكره ـ (قدسسره) من الوجوه ـ جيد لكن غايته إفادة الأولوية فإن الوجوب حكم شرعي يترتب على تركه العقوبة والمؤاخذة منه سبحانه ، فلا بد له من دليل واضح من آية أو رواية ، لانحصار الأدلة الشرعية عندنا في ذلك ، ومجرد هذه التقريبات العقلية لا تصلح لتأسيس الأحكام الشرعية كما قدمنا ذكره في غير مقام.
ويجب الدفع بعد حلول الأجل ومطالبة البائع ، فان لم يطالب وأراد المشتري الدفع وجب على البائع أخذه ، ولو امتنع رفع الأمر إلى الحاكم الشرعي ، فاما أن يجبره على قبضه ، أو يقبضه الحاكم الشرعي حسبة ، ومع تعذر الحاكم.