وقال ابن إدريس في السرائر : قال شيخنا في نهايته : فمن ارتكب الربا بجهالة ولم يعلم أن ذلك محظورا فليستغفر الله تعالى في المستقبل ، وليس عليه فيما مضى شيء ، ومتى علم أن ذلك حرام ثم استعمله فكل ما يحصل له من ذلك محرم عليه ، ويجب رده على صاحبه.
قال محمد بن إدريس : قول شيخنا رحمهالله ـ فمن ارتكب الربا بجهالة ولم يعلم ان ذلك محظورا فليستغفر الله في المستقبل ، وليس عليه فيما مضى شيء المراد بذلك ليس عليه شيء من العقاب بعد استغفاره ، لا أن المراد بذلك أنه ليس عليه شيء من رد المال الحرام ، بل يجب عليه رده على صاحبه ، لقوله تعالى (١) «وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ» فأما قوله (٢) «فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ» المراد به ـ والله أعلم ـ فله ما سلف من العذر وغفران الذنب ، وحق القديم سبحانه بعد انتهائه وتوبته ، لأن إسقاط الذنب عند التوبة تفضل عندنا ، بخلاف ما يذهب إليه المعتزلة.
وقيل في التفسير ـ ذكره شيخنا في التبيان وغيره من المفسرين ـ أن المراد بذلك ما كان في الجاهلية من الربا بينهم ، فقال «فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ» فأما ما يجرى من المسلم فيجب رده على صاحبه ، سواء كان جاهلا لحاله غير عالم انه محرم أو كان عالما بذلك ، فإنه يجب رد الربا على من أربى عليه من المسلمين جميعا ، فلا يظن ظان ولا يتوهم متوهم على شيخنا فيما قال غير ما حررناه. انتهى.
والى هذا القول ذهب العلامة في المختلف أيضا ، قال : لأنها معاوضة باطلة ، فلا ينتقل بها الملك كغيرها من المعاوضات ، واحتج للشيخ بالآية اعنى قوله سبحانه «فَلَهُ ما سَلَفَ».
__________________
(١ و ٢) سورة البقرة الآية ـ ٢٧٩.