قيل : وانما شبه الإتلاف هنا بالقبض ولم يجعله قبضا لأن الإتلاف قد يكون بمباشرة المشتري ، فيكون قبضه حقيقة ، وقد يكون بالتسبيب فيكون في حكم القبض خاصة.
الرابع ـ ما ذكره من قوله «وكذا لو اشترى جارية» الى آخره والغرض منه التنبيه على ان العتق مثل الإتلاف في كونه قبضا ، ويكون العتق صحيحا لتقدم الملك والله العالم.
المسألة الرابعة ـ لا خلاف بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) في جواز بيع الثمرة في أصولها بالأثمان والعروض ، ولا اشكال فيه ، وعليه يدل عموم الأخبار المتقدمة ، وانما الممنوع منه بيع ثمرة النخل بمثلها من تلك النخلة ، أو غيرها على الخلاف الاتى ، وكذا الزرع بحنطة منه أو غيره ، وهو المسمى بالمحاقلة والمزابنة وتفصيل هذا الإجمال يقع في مواضع
الأول ـ ينبغي ان يعلم ان المزابنة مفاعلة من الزبن وهو الدفع ، ومنه الزبانية ، لأنهم يدفعون الناس في النار ، قيل : سميت هذه المعاملة بذلك لأنها مبنية على التخمين ، والغبن فيها كثير ، فكل من البائع والمشترى يريد دفعه عن نفسه إلى الأخر فيتدافعان.
والمحاقلة مفاعلة من الحقل : وهي الساحة التي يزرع فيها ، قيل : سميت هذه المعاملة بذلك لتعلقها بزرع في حقل ، فأطلق اسم الحقل على الزرع مجازا ، من باب إطلاق اسم المحل على الحال ، أو المجاور على مجاورة ، فكأنه باع حقلا بحقل ، وتحريمهما في الجملة إجماعي منصوص.
الثاني المفهوم من كلام أكثر الأصحاب ، وكذا من كلام جملة من أهل اللغة أن المزابنة مختصة بالنخل ، والمحاقلة بالزرع ، والمفهوم من صحيحة عبد الرحمن ابن أبى عبد الله (١) وموثقته الآتيتين عكس ما ذكروه ، وهو أن المحاقلة في النخل ، والمزابنة في الزرع ، وكأن الأصحاب وكذا أهل اللغة بنوا فيما ذكروه على وجه
__________________
(١) التهذيب ج ٧ ص ١٤٣.