وبالجملة فإنه متى جعلت التصرية من قبيل التدليس لم يتوجه الاستثناء الذي ذكروه كما عرفت والله العالم.
الخامسة ـ أطلق جمهور الأصحاب (رضوان الله عليهم) أن الثيوبة ليست عيبا ، نظرا الى أن أكثر الإماء لا يوجدون الاثيبات ، فكانت الثيوبة بمنزلة الخلقة الأصلية ، وان كانت عارضة.
واستشكل ذلك في المسالك في الصغيرة التي ليست محل الوطي ، فإن أصل الخلقة والغالب في مثلها البكارة ، فينبغي أن يكون الثيوبة عيبا.
قال : ونقل مثل ذلك في التذكرة عن بعض الشافعية ، ونفى البأس عنه ، وهو كذلك ، بل يمكن القول بكونها عيبا مطلقا ، نظرا الى الأصل ، وهو ظاهر ابن البراج انتهى.
أقول : صورة عبارة التذكرة هكذا إطلاق العقد في الأمة لا يقتضي البكارة ولا الثيوبة ، فلا يثبت الخيار بأحدهما مع الإطلاق.
وقال بعض الشافعية : الا أن تكون صغيرة ، وكان المعهود في مثلها البكارة ، ولا بأس به عندي ، لأن البكارة أمر مرغوب اليه ، وانما بذل المشترى المال بناء على بقائها على أصل الخلقة ، فكان له الرد قضاء للعادة. انتهى.
إذا عرفت ذلك فاعلم أنه على المشهور لو اشترط البكارة فظهر كونها ثيبا حال البيع بالبينة ، أو إقرار البائع ، أو قرب زمان الاختبار لزمان البيع ، بحيث لا يمكن تجدد الثيوبة فيه ، فالمشهور أنه يتخير بين الرد والإمساك ، وان جهل ذلك لم يكن له الرد ، لان ذلك قد يذهب بالنزوة والعلة ونحو ذلك.
وقال الشيخ في النهاية : من اشترى جارية على أنها بكر فوجدها ثيبا لم يكن له ردها ، ولا الرجوع على البائع بشيء من الأرش ، لأن ذلك قد يذهب من العلة والنزوة انتهى.