والظاهر أنه لا دليل للأصحاب على رد الشاة واللبن عينا أو مثلا أو قيمة بعد التصرف الموجب للسقوط ، بل في هذه المسألة مما لا نص فيه للأصحاب ، كما قال المصنف والشارح وغيرهما ، وانما هي مذكورة في بعض كتب العامة وأخبارهم.
ولهذا قالوا المراد برد اللبن رد اللبن الموجود حال البيع ، وقبل أن تصير الشاة للمشتري ، وهو بناء على مذهبهم من كون المبيع زمن الخيار ملك البائع فلا إشكال حينئذ ، ولكن يشكل ذلك على مذهب الأصحاب بناء على ما تقرر عندهم (١) الى آخر كلامه زيد في مقامه والله سبحانه العالم بأحكامه.
الرابع قد عرفت مما تقدم في المسألة الأولى انهم استثنوا من التصرف المسقط للرد بالعيب أمرين ، ثانيهما حلب الشاة المصراة وهو مبنى على أن التصرية من قبيل العيوب.
والظاهر من كلام جملة منهم أنها تدليس ، وخيار العيب وأحكامه على حده ، وخيار التدليس وأحكامه على حده ولا يدخل إحديهما في الأخر ، ولهذا عد في اللمعة كلا منهما على حده وجعل التصرية في التدليس.
والمفهوم من كلامهم ان خيار حكم التدليس هو التخيير بين الرد والإمساك بغير أرش ، تصرف أو لم يتصرف متى ظهر التدليس ، وحكم خيار العيب هو التخيير قبل التصرف ، بين الرد والإمساك بالأرش ، وبعد التصرف ليس إلا الإمساك مع الأرش ، وليس له الرد.
والمفهوم من كلامهم أيضا ان التدليس انما هو عبارة عن اشتراط أمر زائد ، ثم يظهر عدمه ، وأما العيب فإنما يتعلق بذات المبيع مما يوجب نقصه وخروجه عن أمثاله أو أبناء نوعه.
__________________
(١) أقول المراد بما تقرر عندهم ما تقدم ذكره من أن المبيع ينقل بالعقد الى ملك المشترى منه رحمهالله.