إنّ القوة الرمي» قالها ثلاثا ، أي أكمل أفراد القوة آلة الرمي ، أي في ذلك العصر. وليس المراد حصر القوة في آلة الرمي.
وعطف (رِباطِ الْخَيْلِ) على القوة من عطف الخاصّ على العام ، للاهتمام بذلك الخاصّ.
والرباط صيغة مفاعلة أتي بها هنا للمبالغة لتدلّ على قصد الكثرة من ربط الخيل للغزو، أي احتباسها وربطها انتظارا للغزو عليها ، كقول النبي صلىاللهعليهوسلم «من ارتبط فرسا في سبيل الله كان روثها وبولها حسنات له» الحديث. يقال : ربط الفرس إذا شدّه في مكان حفظه ، وقد سمّوا المكان الذي ترتبط فيه الخيل رباطا ، لأنّهم كانوا يحرسون الثغور المخوفة راكبين على أفراسهم ، كما وصف ذلك لبيد في قوله :
ولقد حميت الحي تحمل شكّتي |
|
فرط وشاحي إن ركبت زمامها |
إلى أن قال :
حتّى إذا ألقت يدا في كافر |
|
وأجنّ عورات الثغور ظلامها |
أسهلت وانتصبت كجذع منيفة |
|
جرداء يحصر دونها جرّامها |
ثم أطلق الرباط على محرس الثغر البحري ، وبه سمّوا رباط (دمياط) بمصر ، ورباط (المنستير) بتونس ، ورباط (سلا) بالمغرب الأقصى.
وقد تقدّم شيء من هذا عند قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا) في سورة آل عمران [٢٠٠].
وجملة : (تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ) إمّا مستأنفة استئنافا بيانيا ، ناشئا عن تخصيص الرباط بالذكر بعد ذكر ما يعمّه ، وهو القوة ، وإمّا في موضع الحال من ضمير (وَأَعِدُّوا).
وعدو الله وعدوهم : هم المشركون فكان تعريفهم بالإضافة ، لأنّها أخصر طريق لتعريفهم ، ولما تتضمنه من وجه قتالهم وإرهابهم ، ومن ذمّهم ، أن كانوا أعداء ربّهم ، ومن تحريض المسلمين على قتالهم إذ عدّوا أعداء لهم ، فهم أعداء الله ؛ لأنّهم أعداء توحيده وهم أعداء رسوله صلىاللهعليهوسلم لأنّهم صارحوه بالعداوة ، وهم أعداء المسلمين ، لأن المسلمين أولياء دين الله والقائمون به وأنصاره ، فعطف (وَعَدُوَّكُمْ) على (عَدُوَّ اللهِ) من عطف صفة موصوف واحد مثل قول الشاعر ، وهو من شواهد أهل العربية :