الوجوه المتقدمة التي عرفت احتياجها للقرينة.
نعم ، قد يتجه ذلك في الخطابات القرآنية الموجهة للعناوين كالناس والمؤمنين والعباد ، وذلك لما هو المعلوم من عدم خطابه تعالى لهم في مجلس خاص وبنحو المشافهة ، ليمكن حمله على ظاهره من دون تنزيل ولا عناية ، وإنما هو منزل على النبي صلّى الله عليه وآله للتبليغ به ، فلا بد أن يكون المخاطب به كل من أريد تبليغه سواء كان موجودا أو صالحا للتبليغ حين التنزيل أم لا ، لأنه صلّى الله عليه وآله مرسل للكل ، كل في وقته.
ويتعين حمله على ما سبق منا من تنزيل حال الصلوح للتبليغ والخطاب منزلة الحال الحاضر.
ومثله في ذلك ما يوجه في الكتب ونحوها للعامة ، نظير كتب الأئمة عليه السّلام إلى شيعتهم ، وكتب الامراء لرعاياهم ، من طريق الولاة أو الرسل.
وأما ما تضمن في القرآن المجيد خطاب النبي صلّى الله عليه وآله بضمير الجمع نحو قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ)(١) ، فالخطاب فيه وإن اختص به صلّى الله عليه وآله ، إلا أن موضوع الحكم المبين بالدليل يعم جميع المسلمين حتى غير الموجودين حين الخطاب ، لوضع أدوات الخطاب بالجمع لما يعم خطاب الواحد وإرادة غيره معه في الحكم ، وحيث لا معين لمقدار الجمع ، وكان خطابه صلّى الله عليه وآله بلحاظ كونه مبلغا لغيره ، ينصرف لعموم من وظيفته صلّى الله عليه وآله تبليغه بالأحكام وإن لم يكن موجودا.
نعم ، ما تضمّن خطابه صلّى الله عليه وآله بشخصه بضمير المفرد نحو قوله تعالى : (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ)(٢) ، يجري فيه ما سبق في الخطابات التي تضمنتها النصوص من أن مدلولها المطابقي خصوص حكم المخاطب ، ويكون التعميم
__________________
(١) سورة الطلاق : ١.
(٢) سورة الضحى : ٩.