الشارع حكم العقل فيها ، فيكون منسوبا إليه ومنشأ لاستحقاق الثواب والعقاب منه.
وهو مما لا يمكن البناء عليه.
كما لا يصح عند العقلاء عقاب من له حق الطاعة من الناس شرعا ـ كالمولى المالك ـ أو عرفا ـ كالرئيس الصالح المعترف برئاسته ـ أو ادعاء ـ كالسلطان القاهر ـ بمخالفة مقتضى الداعوية العقلية ، بل لا بد من صدور الحكم المولوي منه على طبقها ، بحيث يعلم منه الإلزام بمقتضاها زائدا على إلزام العقل.
بل لو حكم على خلاف مقتضى الداعوية العقلية ـ كما لو أمر بالكذب ـ نسب إليه الحكم المذكور وكان موضوعا للطاعة والمعصية دون مقتضى الداعوية العقلية وإن كان مدركا له كالشارع.
على أن عدم استحقاق العقلاء الطاعة انما يمنع من استحقاق العقاب منهم بمعصيتهم ، لا من استحقاق الثواب عليهم بإطاعتهم ، فلو كان الحكم العقلي منسوبا لكل منهم بمجرد إدراكهم له لزم استحقاق الثواب عليهم بموافقته.
وبالجملة : محل الكلام هو حكم الشارع المولوي المجعول منه زائدا على حكم العقل المدرك له ، ولا بد في دعوى ملازمته لحكم العقل المذكور من الدليل.
ولم يتضح لنا عاجلا ما ينهض بذلك على كثرة الوجوه التي ذكرها في الفصول.
والتحقيق : أن لزوم حكم الشارع الأقدس على طبق مقتضى حكم العقل يبتني على وجوب اللطف منه تعالى عقلا بحفظ مقتضى حكم العقل تشريعا ، وذلك لعدم كفاية الداعوية العقلية غالبا في الجري على مقتضى حكم العقل ،