ويظهر اندفاعه مما تقدم من أن مجرد القدرة على كل منهما في ظرف عدم الآخر لا يكفي في تعدد العقاب عليهما مع امتناع الجمع بينهما في مقام الامتثال والعصيان.
اللهم إلا أن يرجع ما ذكره إلى ما ذكره سيدنا الأعظم قدّس سرّه من عدم اعتبار القدرة في العقاب إلا لتصحيح التكليف.
قال : «بل ضرورة حسن العقاب على مخالفة التكليف الفعلي تقتضي الالتزام بترتب عقابين بعد ما عرفت من إمكان التكليف بهما وفرض معصيتهما معا. وقبح العقاب على ما لا يقدر عليه لا أصل له ما لم يرجع إلى قبح العقاب على ما لا تكليف به ، فلا يكون العقاب عليه عقابا على المعصية».
لكن يظهر مما سبق منا في رد الوجه الأول المنع من ذلك ، وأن العقاب إنما يحسن على قدر الطاقة.
نعم ، بعد أن كان القائلون بالترتب مختلفين في وحدة العقاب ـ كما حكاه المحقق الخراساني قدّس سرّه عن السيد الشيرازي الكبير قدّس سرّه ـ وتعدده ـ كما تقدم من بعض الأعاظم وسيدنا الأعظم قدّس سرّه ووافقهما غيرهما ـ يظهر أنه لا مجال للاستدلال على بطلان الترتب باستلزامه تعدد العقاب ، لأن ذلك إنما يصلح للاستدلال إذا لم يلتزم به القائل بالترتب ، كما لا يخفى.
ومن هنا فالكلام في ذلك لا يرجع لتتميم الاستدلال على الترتب ، بل لتحقيق حال التكليف والعقاب في المقام.
وحينئذ نقول : كبرى استلزام المعصية للعقاب تقضي بتعدد العقاب مع ثبوت الأمر الترتبي ووحدته مع عدمه. وحيث كان ثبوت الأمر الترتبي مقتضى كبرى لزوم حفظ الملاك والغرض تشريعا ، كما تقدم ، وتعدد العقاب مناف لكبرى قبح العقاب على ما لا يطاق ، لزم التدافع بين الكبريات الثلاث المذكورة الكاشف عن قصور بعضها عن المقام ، وحيث لم تكن الكبريات المذكورة