فسواء القسم واللّاقسم هنا وهناك ، فالقرآن برهان لا مردّ له على وحيه (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ ..).
(إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) : فليس قول محمد ولا جبريل ، إنما قول الله يحمله الرسول كرسول ، فقول الرسول ليس إلا قول المرسل يحمله كما أوحي إليه ، فمن هو الرسول هنا؟ هل إنه جبريل رسول الله إلى الرسول؟ أم هو الرسول محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم رسول الرسل ومعلم جبريل؟ أم هما المعنيان هنا من : (رَسُولٍ كَرِيمٍ) إذ إن الرسالة واحدة والقول واحد يحمله ملك الوحي إلى رسول الوحي؟
أقول : طالما الرسالة الإلهية تعم الرسولين ، ولكنها هنا ـ حسب القرائن الموجودة ـ ليست إلا الرسالة المحمدية ، حيث الأوصاف الإيجابية والسلبية المسرودة هنا للرسول تختصه بالرسول الأقدس محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم.
فهنا إنه (كَرِيمٍ ـ ذِي قُوَّةٍ ـ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ ـ مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ـ وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ ـ وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ ـ وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ ـ وَما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ).
وهناك «وما هو بقول شاعر ـ ولا بقول كاهن ـ (فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ. وَما لا تُبْصِرُونَ. إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ. وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ. وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ) (٦٩ : ٣٨ ـ ٤٣).
وجلّ هذه الصفات ـ أو كلّها ـ لا تنطبق إلا على الرسول محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم وإن كان القرآن قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم وقول جبريل كرسولين ، ولكنما الرسول محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم هو موضوع البحث هنا أصالة كموضوع الرسالة (١).
__________________
(١) وعليه يحمل ما يروى من تفسير (ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ) بجبريل و (مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ) برسول الله كما في نور الثقلين ٥ : ٥١٨ ، القمي بالإسناد إلى الصادق (ع) فلا ينافيه ما عن الرسول (ص) أن (مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ) ـ أيضا ـ هو جبريل (المصدر عن : المجمع) ـ