(١٠ : ١٦) : عمرا بوفور العقل والأمانة ، فكيف تتهمونني الآن بالجنون والخيانة؟!
فالأمين عند الرعية أحرى له أن يكون أمينا عند ذي العرش ، فهو إذ لا يخون الناس وهم ضعفاء ، فكيف يخون الله وهو شديد القوى؟! ..
أجل وإن وحي القرآن ليس ليحمله إلا رسول كريم ذو قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين.
فلو لا الكرم ـ وهو الرحمة العظيمة الواسعة دون ابتغاء أجر ـ لكان وحي القرآن في مضيق يختص بمن يؤتي الأجر دون الناس كافة!
ولو لا القوة العرشية لما كان بمستطاعه تلقي الوحي ـ فأين التراب ورب الأرباب ـ .. إنه لا بد من قلب عرشي قوي لكي يقوى على تلقي الوحي من ذي العرش.
ولو لا ها لما كان يقوى على إبلاغ الوحي كما يجب ، صبرا على المزالق والمشاق في سبيل الدعوة الشاقة.
ولو لا مكانته العظيمة عند الله لما كان يستحق هذه الكرامة الخاصة في تحمل الوحي الأخير وحمله إلى الناس كافة.
ولو لا أنه مطاع في دوره الرسالي ، وعند وسائط الرسالة وعمال رب العالمين ، لما استطاع أن يحقق ويطبق الرسالة الخالدة.
ولو لا الأمانة لكانت منه الخيانة ، أو ممن كانوا يتربصون الدوائر بوحي القرآن أن يبدلوه ويحرفوه كما حرفوا كتب السماء من قبل.
ولكن أمانته وقوته وصموده وصلابته ومكانته جعلت وحي القرآن خالصا عن كل شين ، خالدا إلى يوم الدين.