عرى الإسلام عروة عروة ، فيكون أول ما تنقضون من دينكم الإمامة وآخره الصلاة (١).
وعن الإمام الصادق عليه السّلام : «إن للقائم غيبة يطول أمدها ، قيل ولم ذلك يا ابن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم! قال : لأن الله عز وجل أبى ألا يجري فيه سير الأنبياء عليهم السلام في غيباتهم ، وأنه لا بد من انتهاء مدة غيباتهم ، قال الله تعالى : (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) أي : سير من كان قبلكم» (٢).
فأمة الإسلام يركبون سنن الأمم السابقين ، طبقا عن طبق ، ولأن كل مستقبل ابن ماضيه «جبر التأريخ» وأنهم يحذون حذوهم مخيّرين لا مسيّرين ، وأن الله يجمع في محيى الأمم القائم بالعدل ، ما جمعه من ميّزات قادة التاريخ : الروحيين ، وليكمّل المسيرة ، ويطبّق السيرة كاملة قاهرة ، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.
(فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ. وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ) :
هذه موحيات الإيمان كونيا وفطريا وعقليا ، تواجه بصر الإنسان وبصيرته ، وتتكاثر عليه أيا كان وأينما كان ، وتستجيش مشاعر التقوى وتستأصل دوافع الطغوى ، وتحمل الإنسان على الإيمان (فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ)؟ ماذا حصل هنا وهناك فلا يؤمنون (كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) فإنارة العقل مكسوف بطوع الهوى.
__________________
(١) نور الثقلين ٥ : ٥٣٨ ـ ٥٣٩ عن تفسير علي بن ابراهيم القمي.
(٢) نور الثقلين ٥٣٩ عن كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى حنان عن أبيه عنه (ع) وفيه عن الباقر (ع) في الآية ، قال : يا زرارة! أو لم تركب هذه الأمة بعد نبيها طبقا عن طبق في أمر فلان وفلان وفلان؟» يعني الخلفاء الثلاثة الأول؟ وفيه عن أمير المؤمنين (ع) في حديث تفسيرا للآية «أي : لتسلكن سبيل من كان قبلكم من الأمم في الغدر بالأوصياء بعد الأنبياء».