(وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ) : لا يخضعون له غايته ، رغم أن القرآن مثال عن العظمة الإلهية ، فكما السجود من الخلق لزام للخالق ، كذلك لكلامه.
ليس السجود المأمور به ، المندّد بتركه ـ هنا ـ سجود التلاوة ، إذ ليست تلاوة القرآن ـ ككلّ ـ بالتي تفرض السجود هذا ، والنص (إِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ) لا «آيات السجدة» ولا «هذه الآية» إضافة إلى أن الآية هذه ليست لتطلب السجود لنفسها وإلا لدار ، وإنما تطلب لغيرها من القرآن كقرآن ، فليس إلا القرآن كله ، لا آيات السجدة بخصوصها ، ولقد أجمع أصحابنا أنها ليست من آيات السجدة الواجبة ، اللهم إلا استحبابا ورجحانا.
وليست كذلك سجود الصلاة ، إذ لم تأمر الآية بالصلاة ، ولا القرآن كله يأمر بها.
إذا فهو غاية الخضوع للقرآن إذا قرئ ، وأدنى ما يتطلبه الخضوع هو الاستماع والإنصات : (خضوع السمع) ثم التفهم : (خضوع الفهم) ثم الإيمان الصالح : (خضوع القلب) ثم العمل الصالح : (خضوع الجوارح) وسجود اللسان وهو الترتيل في قرائته وإبلاغه ونشره : وخضوع ككل : أن يعيش الإنسان القرآن ـ حياته بكل طاقاته ـ بما فيه.
هذه الآية تندد بالكافرين كيف لا يؤمنون بالقرآن ، ومن جراء الإيمان لم لا يسجدون ويخضعون للقرآن ، أخروجا عن فطرة الإنسان ، الخاضعة لكل جمال وكمال ، فهل تجد أجمل من القرآن وأروع منه ، في كل ما يتطلبه الإنسان كإنسان من كمال وجمال؟
وإذا كان الإيمان يفرض ـ لأول وهلة ـ غاية الخضوع للقرآن ، وأدناها الاستماع له والإنصات ، فأحرى أن يكون واجبا على المؤمنين وقد اجتازوا